تكون الإضافة غير محضة ، على أنه بمعنى الحال والاستقبال ، وذلك على حكاية الحال ؛ فيكون «الحبّ» مجرور اللّفظ منصوب المحلّ ، و «الفلق» : هو شقّ للشيء ، وقيده الرّاغب (١) بإبانة بعضه من بعض ، والفلق المطمئنّ من الأرض بين الرّبوتين و «الفلق» من قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) [الفلق : ١] : ما علّمه الله لموسى ـ عليهالسلام ـ حتى فلق البحر له.
وقيل : الصّبح ، وقيل : هي الأنهار المشار إليها بقوله ـ تعالى ـ : (وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً) [النمل : ٦١].
والفلق بالكسر بمعنى : المفلوق كالنكث والنّقض ، ومنه : «سمعته من فلق منه».
وقيل : الفلق العجب [وقيل : ما يتعجّب منه.
قال الرّاجز في ذلك : [الرجز]
٢٢٥٤ ـ واعجبا لهذه الفليقه |
|
هل تذهبنّ القوباء الرّيقه (٢)](٣) |
والفالق والفليق : ما بين الجبلين ، وما بين السّنامين البعير.
وفسّر بعضهم «فالق» هنا ، بمعنى : «خالق».
قيل : ولا يعرف هذا لغة ، وهذا لا يلتفت إليه ؛ لأن هذا منقول عن ابن عباس ، والضّحّاك أيضا ، لا يقال ذلك على جهة التّفسير للتقريب ؛ لأن الفرّاء نقل في اللّغة : أن «فطر وخلق وفلق» بمعنى واحد.
[و «النّوى»] : اسم جنس ، مفرده «نواة» ، على حدّ «قمح وقمحة» ، والنّوى : البعد أيضا.
ويقال : نوت البسرة وأنوت ، فاشتدّت نواتها ، ولام «النّواة» بانقلاب عينها واوا ، والأكثر التّغاير.
فصل في معنى الآية
قال ابن عبّاس ، والضّحّاك ، ومقاتل : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) : خالق الحبّ (٤).
قال الواحدي (٥) : ذهبوا ب «فالق» مذهب «فاطر» ، وقد تقدّم عن الفرّاء نقله ذلك لغة.
__________________
(١) ينظر : المفردات ٣٨٥.
(٢) الرجز لابن قنان. ينظر : اللسان (قوب) ، واصلاح المنطق ص ٣٤٤ ، وجمهرة اللغة ص ٩٦٥ ، ١٠٢٦ ، ١٢٣٣ ، والجنى الداني ص ١٧٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٩٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩١. وكتاب اللامات ص ٨٨. ومغني اللبيب ٢ / ٣٧٢ ، والمنصف ٣ / ٦١.
(٣) سقط في ب.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦) عن ابن عباس والضحاك وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٠) وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٥) ينظر : الرازي ١٣ / ٧٤.