٢٢٦٧ ـ وما المال والأهلون إلّا وديعة |
|
ولا بدّ يوما أن تردّ الودائع (١) |
والإنشاء : الإحداث والتربية ، ومنه : إنشاء السحاب ، وقال تبارك وتعالى : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) [الزخرف : ١٨] فهذا يراد به التربية ، وأكثر ما يستعمل الإنشاء في إحداث الحيوان ، وقد جاء في غيره قال تبارك وتعالى : (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) [الرعد : ١٢].
والإنشاء : قسيم الخبر ، وهو ما لم يكن له خارج ، وهل هو مندرج في الطّلب أو بالعكس ، أو قسم برأسه؟ خلاف.
وقيل على سبيل التقريب : هو مقارنة اللفظ لمعناه.
قال الزمخشري (٢) : «فإن قلت : فلم قيل : «يعلمون» مع ذكر النجوم ، و «يفقهون» مع ذكر إنشاء بني آدم؟
قلت : كأن إنشاء الإنس من نفس واحدة ، وتصريفهم على أحوال مختلفة ألطف وأدقّ صنعة وتدبيرا ، فكان ذكر الفقه الذي هو استعمال فطنة ، وتدقيق نظر مطابقا له».
فصل في تفسير الاستقرار
قال ابن عبّاس في أكثر الروايات : إن المستقر هو الأرحام ، والمستودع الأصلاب (٣).
قال كريب : كتب [جرير إلى](٤) ابن عباس يسأله عن هذه الآية الكريمة ، فأجاب : المستودع» : الصّلب ، و «المستقر» : الرحم ، ثم قرأ (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) [الحج :٥].
قال سعيد بن جبير : قال ابن عباس رضي الله عنهما : هل تزوجت؟ قلت : لا ، قال : أما إنه ما كان من مستودع في ظهرك ، فسيخرجه الله عزوجل (٥) ويؤيده أيضا أن النّطفة لا تبقى في [صلب الأب زمانا طويلا والجنين يبقى في رحم الأم زمانا طويلا فلما كان المكث في الرحم أكثر مما في صلب الأب كان حمل الاستقرار على المكث في الرحم](٦) أولى.
وقيل : «المستقر» صلب الأب ، و «المستودع» رحم الأم ؛ لأن النطفة حصلت في
__________________
(١) البيت للبيد ، وهو في ديوانه ص (٨٩) ، شرح الحماسة ١ / ١٤٤ ، الدر المصون ٣ / ١٣٦.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٠ ـ ٥١.
(٣) أخرجه الطبري (٥ / ٢٨٣) والحاكم (٢ / ٣١٦) من حديث ابن عباس وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٦) من طرق عن سعيد بن جبير وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه الطبري (٥ / ٢٨٣) عن سعيد بن جبير وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٦) وعزاه لعبد الرزاق.
(٦) سقط في أ.