والجمهور (١) على «نخرج» مسندا إلى ضمير المعظم نفسه.
وقرأ ابن محيصن (٢) والأعمش : «يخرج» بياء الغيبة مبنيا للمفعول و «حبّ» قائم مقام فاعله ، وعلى كلتا القراءتين تكون الجملة صفة ل «خضرا» وهذا هو الظاهر ، وجوّزوا فيها أن تكون مستأنفة ، و «متراكب» رفعا ونصبا صفة ل «حب» بالاعتبارين ، والمعنى أن تكون الحبّات متراكبة بعضها فوق بعض ، مثل [سنابل](٣) البرّ والشعير والأرز ، وسائر الحبوب ، ويحصل فوق السّنبلة أجسام دقيقة حادة كأنها الإبر ، والمقصود [من تخليقها منع الطير من التقاط تلك الحبّات المتراكبة.
قوله : (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ) يجوز في هذه الجملة أوجه :](٤)
أحسنها : أن يكون (مِنَ النَّخْلِ) خبرا مقدما ، و (مِنْ طَلْعِها) بدل بعض من كل بإعادة العامل ، فهو كقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) [الأحزاب : ٢١].
و «قنوان» مبتدأ مؤخر ، وهذه الجملة ابتدائية عطفت على الفعلية قبلها.
الثاني : أن يكون «قنوان» فاعلا بالجار قبله ، وهو (مِنَ النَّخْلِ) و (مِنْ طَلْعِها) على ما تقدّم من البدليّة ، وذلك على رأي الأخفش.
الثالث : أن تكون المسألة من باب التّنازع ، يعني أن كلّا من الجارّين يطلب «قنوان» على أنه فاعل على رأي الأخفش ، فإن أعملت الثاني ، وهو مختار قول البصريين أضمرت في الأوّل ، وإن أعملت الأوّل كما هو مختار قول الكوفيين أضمرت في الثاني.
قال أبو البقاء (٥) : والوجه الآخر أن يرتفع «قنوان» على أنه فاعل (مِنْ طَلْعِها) فيكون في (مِنَ النَّخْلِ) ضمير يفسره «قنوان» وإن رفعت [«قنوان»](٦) بقوله : (وَمِنَ النَّخْلِ) على قول من أعمل أول الفعلين جاز ، وكان في (مِنْ طَلْعِها) ضمير مرفوع قلت : فقد أشار بقوله : على أنه فاعل (مِنْ طَلْعِها) إلى إعمال الثاني.
الرابع : أن يكون «قنوان» مبتدأ ، و (مِنْ طَلْعِها) الخبر ، وفي (مِنَ النَّخْلِ) ضمير ، تقديره ونبت من النخل شيء أو ثمر ، فيكون (مِنْ طَلْعِها) بدلا منه. قاله أبو (٧) البقاء رحمهالله ، وهذا كلام لا يصح ؛ لأنه بعد أن جعل (مِنْ طَلْعِها) الخبر ، فكيف يجعله بدلا؟ فإن قيل : يجعله بدلا منه ؛ لأن (مِنَ النَّخْلِ) خبر للمبتدأ.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٣٧ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٣٧ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٣) في أ : سنبل.
(٤) سقط في أ.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٥.
(٦) سقط في أ.
(٧) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٥.