ونص أبو البقاء (١) على ذلك فقال : «وجنات» بالنصب عطفا على «نبات» ومثله (الزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ).
وقال ابن عطية (٢) : عطفا على «حبّا» وقيل على «نبات» وقد تقدم أن في المعطوف الثالث فصاعدا احتمالين :
أحدهما : عطفه على ما يليه.
والثاني : عطفه على الأوّل نحوه مررت بزيد وعمرو وخالد ، فخالد يحتمل عطفه على زيد وعمرو ، وقد تقدم أن فائدة الخلاف تظهر في نحو : «مررت بك وبزيد وبعمرو» ، فإن جعلته عطفا على الأول لزمت الباء ، وإلّا جازت.
و «الزّيتون» وزنه «فيعول» فالياء مزيدة ، والنون أصليّة لسقوط تلك في الاشتقاق ، وثبوت ذي ، قالوا : أرض زتنة ، أي : كثيرة الزيتون ، فهو نظير قيصوم ، لأن فعلولا مفقود ، أو نادر ولا يتوهم أن تاءه أصلية ونونه مزيدة لدلالة الزّيت ، فإنهما مادّتان متغايرتان ، وإن كان الزيت معتصرا منه ، ويقال : زات طعامه ، أي : جعل فيه زيتا ، وزات رأسه أي : دهنه به ، وازدات : أي ادّهن أبدلت تاء الافتعال دالا بعد الزاي كازدجر وازدان.
و «الرّمّان» وزنه فعّال نونه أصلية ، فهو نظير : عنّاب وحمّاض ، لقولهم : أرض رمنه أي : كثيرته.
قال الفراء : قوله تعالى : (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) يريد شجر الزيتون ، وشجر الرمان ؛ كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] يريد أهلها.
فصل في معنى تقدم النخل على الفواكه في الآية
ذكر تبارك وتعالى هاهنا أربعة أنواع من الأشجار : النخل والعنب والزيتون والرمان ، وقدّم الزرع على الشّجر ؛ لأن الزّرع غذاء ، وثمار الأشجار فواكه ، والغذاء مقدّم ، وقدم النخل على الفواكه ؛ لأن الثمر يجري مجرى الغذاء بالنسبة إلى العرب.
قال الحكماء (٣) : بينه وبين الحيوان مشابهة في خواصّ كثيرة لا توجد في النبات ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : «أكرموا النّخلة فإنّها عمّتكم فإنّها خلقت من طين آدم عليه الصّلاة والسّلام»(٤).
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٥.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٢٨.
(٣) ينظر : الرازي ١٣ / ٨٩.
(٤) أخرجه العقيلي (٤ / ٢٥٦) وابن عدي في «الكامل» (١ / ٣٣٠) وأبو نعيم في الحلية (٦ / ١٢٣) من طريق مسرور بن سعيد عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي بن أبي طالب به مرفوعا.
قال أبو نعيم : غريب من حديث الأوزاعي عن عروة تفرد به مسرور بن سعيد وقال العقيلي : حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلّا به.
وقال الألباني : موضوع ينظر : سلسلة الأحاديث الضعيفة (٢٦٣).