٢٢٧٥ ـ رماني بأمر كنت منه ووالدي |
|
بريئا ... (١) |
أي : ولم يقل : مشتبهين اكتفى بوصف أحدهما أو على تقدير : «والزيتون مشتبها وغير متشابه ، والرّمّان كذلك».
قال أبو حيان (٢) : «فعلى قوله يكون تقدير البيت : كنت منه بريئا ، ووالدي كذلك ، أي : بريئا ، والبيت لا يتعيّن فيه ما ذكره ؛ لأن «بريئا» على وزن «فعيل» كصديق ورفيق ، فصحّ أن يخبر به عن المفرد والمثنى والمجموع ، فيحتمل أن يكون «بريئا» خبر «كان» على اشتراك الضمير والظاهر المعطوف عليه فيه إذ لا يجوز أن يكون خبرا عنهما ، ولا يجوز أن يكون حالا عنهما ، إذ لو كان كذلك لكان التركيب مشتبهين وغير مشتبهين».
وقال أبو البقاء (٣) : حال من «الرمان» ومن الجميع ، فإن عنى في المعنى فصحيح ، ويكون على الحذف ، وكما تقدم فإن أراد بالصّناعة ، فليس بشيء ؛ لأنه كأنه يلزم المطابقة.
والجمهور على «مشتبها». وقرىء (٤) شاذّا «متشابها» وغير متشابه كالثانية ، وهما بمعنى واحد قال الزمخشري : «كقولك اشتبه الشيئان ، وتشابها كاستويا وتساويا والافتعال والتّفاعل يشتركان كثيرا». انتهى وقد جمع بينهما في هذه الآية الكريمة في قوله (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ).
فصل في معنى «متشابه» في الآية
قال بعضهم : متشابه في اللون والشكل ، مع أنها تكون متشابهة في الطعم واللّذّة ، فإن الأعناب والرمان قد تكون متشابهة في الصورة واللون والشكل ، مع أنها تكون مختلفة في الحلاوة والحموضة.
وقيل : إن أكثر الفواكه يكون ما فيها من القشر والعجم متشابهة في الطعم والخاصيّة.
وقال قتادة : مشتبها ورقها مختلفا (٥) ثمرها ؛ لأن ورق الزيتون يشبه ورق الرمان.
وقيل : إنك إذا أخذت عنقود العنب وجدت جميع حبّاته ناضجة حلوة طيبة إلّا حبّات مخصوصة لم تدرك ، بل بقيت على أوّل حالها في الحموضة والعفوصة ، وعلى هذا فبعض حبّات ذلك العنقود متشابه ، وبعضها غير متشابه.
__________________
(١) جزء بيت لعمرو بن أحمر وينسب للأزرق بن طرفة. والبيت بتمامه :
رماني بأمر كنت منه ووالدي |
|
بريئا ومن أجل الطويّ رماني |
ينظر : الكتاب ١ / ٧٥ ، شرح الحماسة ٢ / ٩٣٦ ، الهمع ١ / ١١٦ ، الدرر ١ / ٨٥ ، الدر المصون ٣ / ١٤٣.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١٩٤.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢٥٥.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٤٢ ، البحر المحيط ٤ / ١٩٤ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٢٤.
(٥) ينظر : الرازي ١٣ / ٩٠.