غير سورة الأنعام» (١) [وما جمعت الشياطين لسورة من القرآن جمعها لها ، ولقد بعث بها إليّ مع جبريل ـ عليهالسلام ـ ومعه خمسون ملكا أو خمسون ألف ملك ترفعها أو تحفّها حتّى أقرّوها في صدري كما أقرّ ماء في الحوض ، ولقد أعزّني الله بها وإيّاكم بها عزّا لا يذلّنا بعده أبدا وبها دحض حجج المشركين وعد من الله لا يخلفه.
وعن المنكدر لما نزلت سورة «الأنعام» سبّح رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال : «لقد شيّع هذه السّورة من الملائكة ما سدّ الأفق».
قال الأصوليون : وسبب هذه الفضيلة أنها اشتملت على دلائل التّوحيد والنّبوّة والمعاد، وإبطال مذهب المبطلين والملحدين ، وذلك يدلّ على أن علم الأصول في غاية الرّفعة](٢).
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(١)
قال كعب الأحبار ـ رضي الله عنه ـ : هذه الآية [الكريمة](٣) أوّل آية في التوراة (٤) ، وآخر آية في التوراة (٥) قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) [الإسراء : ١١١] الآية الكريمة (٦).
قال ابن عبّاس (٧) ـ رضي الله عنهما ـ : فتح الله بالحمد (٨) ، فقال : «الحمد الله الذي خلق السّماوات والأرض» ، وختمهم بالحمد ، فقال : «وقضى بينهم بالحقّ» ، وقيل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الزمر : ٧٥].
فقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) فحمد الله نفسه تعليما لعباده ، أي : احمدوا الله الذي خلق السّموات والأرض خصهما بالذّكر ؛ لأنّهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد ، وفيهما العبرة والمنافع للعباد.
واعلم أنّ المدح أعمّ من الحمد ، والحمد أعمّ من الشكر ؛ لأنّ المدح يحصل للعاقل وغير العاقل ، فكما يمدح الرّجل العاقل بفضله ، كذلك يمدح اللّؤلؤ لحسن
__________________
(١) أخرجه أبو نعيم في «تاريخ أصفهان» (١ / ١٨٩) وللحديث شاهد عن أسماء بنت يزيد رواه الطبراني كما في «مجمع الزوائد» (٧ / ٢٣) وقال الهيثمي : وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : التوبة.
(٥) في أ : التوبة.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ١٤٤) عن كعب الأحبار وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥) وزاد نسبته لابن الضريس في فضائل القرآن وابن المنذر وأبي الشيخ.
(٧) ذكره البغوي في تفسيره ٢ / ٨٣.
(٨) في ب : فتح الله الخلق بالحمد.