والشّهوة [بغير علم ، وهذه الآية تدلّ على أن التقليد حرام ؛ لأنّه قول بمحض الهوى والشّهوة](١) ثم قال : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) أي : هو العالم بما في ضمائرهم من التعدّي ، وطلب نصرة الباطل ، والسّعي في إخفاء الحقّ ، وإذا كان عالما بأحوالهم وقادرا على مجازاتهم فهو تعالى يجازيهم عليها والمقصود منه التّهديد والتخويف.
قوله تعالى : (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ)(١٢٠)
لما بين أنّه فصّل المحرّمات ، أتبعه بما يجب تركه بالكلّيّة ، والمراد به : ما يوجب الإثم ، وهي الذّنوب كلّها.
قال قتادة : المراد «بباطنه وظاهره» : علانيته وسرّه.
وقال مجاهد : ظاهره ممّا يعمله الإنسان بالجوارح من الذّنوب ، وباطنه : ما ينويه ويقصده بقلبه ؛ كالمصرّ على الذّنب (٢).
وقال الكلبيّ : ظاهره : الزّنا ، وباطنه المخالة (٣) ، وأكثر المفسّرين على أنّ ظاهره : الإعلان بالزّنا ، وهم أصحاب الرّايات ، وباطنه : الاستسرار ، وكانت العرب يحبّون الزّنا ، وكان الشّريف يستسرّ به ، وغير الشّريف لا يبالي به ، فيظهره.
وقال سعيد بن جبير : ظاهر الإثم : نكاح المحارم ، وباطنه : الزّنا (٤).
وقال ابن زيد : ظاهره : التّعرّي من الثياب في الطّواف والباطن : الزّنا (٥) ، وروى حيّان عن الكلبي ـ رحمهالله ـ ظاهر الإثم : طواف الرّجال بالبيت نهارا عراة ، وباطنه : طواف النّساء باللّيل عراة(٦).
وقيل هذا النّهي عام في جميع المحرّمات ، وهو الأصحّ ؛ لأن تخصيص اللّفظ العام بصورة معيّنة من غير دليل ، غير جائز ، ثم قال : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) والاقتراف : الاكتساب كما تقدّم ، وظاهر النّصّ يدلّ على أنّه لا بدّ وأن
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٢٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٧٨) وعزاه لابن المنذر وأبي الشيخ.
(٣) انظر البحر المحيط لأبي حيان (٤ / ٢١٤).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٢٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٧٧ ـ ٧٨) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وانظر البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (٤ / ٢١٤).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٢٤) وذكره أبو حيان في «البحر المحيط» (٤ / ٢١٤).
(٦) ذكره البغوي في تفسيره ٢ / ١٢٧.