أحدهما : أن يكون مفعولا آخر تعدّد كما تعدّد ما قبلها.
والثاني : أن يكون حالا وفي صاحبها احتمالان :
أحدهما : هو الضّمير المستكنّ في «ضيّقا».
والثاني : هو الضّمير في «حرجا» ، و (فِي السَّماءِ) متعلّق بما قبله.
قوله : (كَذلِكَ يَجْعَلُ) هو كنظائره وقدّره الزّجّاج (١) : «مثل ما قصصنا عليك يجعل» أي : فيكون مبتدأ وخبرا ، أو نعت مصدر محذوف ، فلك أن ترفع «مثل» وأن تنصبها بالاعتبارين عنده ، والأحسن أن يقدّر لها مصدر مناسب كما قدره النّاس ، وهو : مثل ذلك الجعل ـ أي : جعل الصّدر ضيّقا حرجا ـ «يجعل الله الرّجس» كذا قدّره مكّي (٢) وغيره ، و «يجعل» يحتمل أن تكون بمعنى «ألقى» وهو الظّاهر ، فتتعدّى لواحد بنفسها وللآخر بحرف الجرّ ، ولذلك تعدّت هنا ب «على» والمعنى : «كذلك يلقي الله العذاب على الّذين لا يؤمنون».
ويجوز أن تكون بمعنى صيّر ، أي : «يصيّره مستعليا عليهم محيطا بهم» ، والتّقدير الصّناعي : مستقرّا عليهم.
فصل في بيان معنى الرجس
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ : الرّجس هو الشّيطان (٣).
وقال الكلبي : هو المأثم.
وقال مجاهد : الرّجس : ما لا خير فيه (٤).
وقال عطاء : الرّجس العذاب مثل الرّجز (٥).
وقيل هو النّجس ؛ روي أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان إذا دخل الخلاء قال : «اللهم إنّي أعوذ بك من الرّجس والنّجس» (٦).
وقال الزّجّاج (٧) : الرّجس : اللّعنة في الدّنيا ، والعذاب في الآخرة.
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٣١٩.
(٢) ينظر : المشكل ١ / ٢٨٩.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٤١) وذكره القرطبي (٧ / ٥٥).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٤٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٨٤) وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وذكره الرازي في «تفسيره» (١٣ / ١٥٠) والقرطبي (٧ / ٥٥).
(٥) انظر تفسير الرازي (١٣ / ١٥٠) والبحر المحيط (٤ / ٢٢٠).
(٦) أخرجه أبو داود في «المراسيل» (رقم ٢) عن الحسن مرسلا وأخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» رقم (١٨) عن أنس بن مالك مرفوعا وأخرجه أيضا رقم (٢٥) عن ابن عمر.
وأخرجه ابن ماجه (٢٩٩) عن أبي أمامة مرفوعا.
(٧) ينظر : الفخر الرازي ١٣ / ١٥٠.