بعض ، فيأخذ من الظّالم بالظّالم ؛ كما جاء «من أعان ظالما ، سلّطه الله عليه».
قال قتادة : نجعل بعضهم أولياء لبعض ، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان ، والكافر وليّ الكافر حيث كان (١).
وروى معمر عن قتادة : يتبع بعضهم بعضا في النّار من المولاة (٢).
وقيل : معناه : نولي ظلمة الجنّ ظلمة الإنس ، ونولي ظلمة الإنس ظلمة الجنّ ، أي : نكل بعضهم إلى بعض ؛ كقوله ـ تبارك وتعالى ـ : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) [النساء : ١١٥] فهي نعت لمصدر محذوف ، أو في محلّ رفع ، أي : الأمر مثل تولية الظالمين ، وهو رأي الزّجّاج في غير موضع.
وروى الكلبيّ عن أبي صالح في تفسيرها : هو أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ إذا أراد بقوم خيرا ولّى أمرهم خيارهم ، وإذا أراد بقوم شرّا ولّى أمرهم شرارهم (٣).
وروى مالك بن دينار قال جاء في [بعض] كتب الله المنّزلة أنّا الله مالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني ، جعلتهم عليه رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، لا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ، لكن توبوا إلىّ أعطّفهم عليكم.
وقوله : (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) تقدّم نظيره.
قوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ)(١٣٠)
هذه الآية من بقيّة توبيخ الكفّار يوم القيامة.
قال أهل اللّغة : المعشر كل جماعة أمرهم واحد ، ويحصل بينهم معاشرة ومخالطة ، والجمع : معاشر (٤).
قوله : «منكم» في محلّ رفع صفة لرسل ، فيتعلّق بمحذوف ، وقوله : «يقصّون» يحتمل أن يكون صفة ثانية ، وجاءت كذا مجيئا حسنا ، حيث تقدّم ما هو قريب من المفرد على الجملة ، ويحتمل أن يكون في محلّ نصب على الحال ، وفي صاحبها وجهان :
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٤٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٨٥) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٤٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٨٥) وعزاه لعبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٨٦) وعزاه لأبي الشيخ من طريق منصور بن أبي الأسود عن الأعمش بمعناه.
(٤) ينظر : الرازي ١٣ / ١٥٩.