٢٣١٥ ـ في فتية كسيوف الهند قد علموا |
|
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (١) |
و «بظلم» يجوز فيه وجهان :
أظهرهما : أنه متعلّق بمحذوف على أنّه حال من «ربّك» أو من الضّمير في «مهلك» أي : لم يكن مهلك القرى ملتبسا بظلم ، ويجوز أن يكون حالا من القرى ، أي : ملتبسة بذنوبها ، والمعنيان منقولان في التّفسير.
والثاني : أن يتعلّق ب «مهلك» على أنّه مفعول وهو بعيد ، وقد ذكره أبو البقاء (٢).
وقوله : (وَأَهْلُها غافِلُونَ) جملة حالية أي : لم ينذروا حتى يبعث إليهم رسلا تنذرهم ، وقال الكلبي : يهلكهم بذنوبهم من قبل أن يأتيهم الرّسل (٣).
وقيل : معناه لم يكن ليهلكهم دون التّنبيه والتّذكير بالرّسل ، فيكون قد ظلمهم ؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ أجرى السّنّة ألا يأخذ أحدا إلا بعد وجود الذّنب ، وإنما يكون مذنبا إذا أمر فلم يأتمر ، ونهي فلم ينته ، وذلك إنما يكون بعد إنذار الرّسل ، وهذه الآية تدلّ على أنّه لا وجوب ولا تكليف قبل ورود الشّرع.
قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)(١٣٢)
أي : ولكلّ درجات في الثّواب والعقاب ، على قدر أعمالهم في الدّنيا ، وحذف المضاف إليه للعلم به ، أي : ولكلّ فريق منهم من الجنّ والإنس.
قوله : (مِمَّا عَمِلُوا) في محلّ رفع نعتا ل «درجات».
وقيل : ولكلّ من المؤمنين خاصّة.
وقيل : ولكلّ من الكفّار خاصّة ؛ لأنها جاءت عقيب خطاب الكفّار ، إلا أنّه يبعده قوله : «درجات» ، وقد يقال : إن المراد بها هنا المراتب ، وإن غلب استعمالها في الخير (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) قرأ العامّة (٤) بالغيبة ردّا على قوله : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ) وقرأ ابن عامر بالخطاب مراعاة لما بعده في قوله : «يذهبكم» ، «من بعدكم» ، كما «أنشأكم».
قوله تعالى : (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣) إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)(١٣٤)
لما بيّن ثواب المطيعين وعقاب العاصين ، وبيّن أن لكلّ قوم درجة مخصوصة في
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦١.
(٣) ذكره البغوي في تفسيره ٢ / ١٣٢.
(٤) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٣١ ، الدر المصون ٣ / ١٨٣ ، السبعة ٢٦٩ ، الحجة لأبي زرعة ٢٧٢ البحر المحيط ٤ / ٢٢٧.