[ودليله في غير هذا الموضع](١) ومثل هذا المكان في كون الزّمخشريّ جعل شيئا علّة ، ثم جعله معلولا (٢) ، كما (٣) سيأتي إن شاء الله ـ تعالى ـ في أوّل «الفتح» ، ويأتي هناك جوابه.
قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) «كيف» خبر مقدّم ، و «عاقبة» اسمها ، ولم يؤنّث فعلها ؛ لأنّ تأنيثها غير حقيقي ؛ ولأنها بتأويل المآل والمنتهى ، فإنّ العاقبة مصدر على وزن «فاعلة» ، وهو محفوظ في ألفاظ تقدّم ذكرها وهي منتهى الشيء وما يصير إليه.
والعاقبة إذا أطلقت اختصت بالثواب قال تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف : ١٢٨] وبالإضافة قد تستعمل في العقوبة كقوله تبارك وتعالى : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) [الروم : ١٠] ، (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) [الحشر : ١٧] فصحّ أن تكون استعارة من ضدّه كقوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران : ٢١].
و «كيف» معلّقة للنظر ، فهي في محلّ نصب على إسقاط الخافض ؛ لأنّ معناه هنا التّفكّر والتدبّر. والله أعلم.
قوله تعالى : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(١٢)
«لمن» خبر مقدّم واجب التقديم ، لاشتماله على ما له صدر الكلام ، فإنّ «من» استفهامية [والمبتدأ «ما» وهي بمعنى «الذي»](٤) ، والمعنى : لمن استقرّ الذي في السماوات.
وقوله : «قل لله» قيل : إنّما أمره أن يجيب ، وإن كان المقصود أن يجيب غيره ؛ ليكون أوّل من بادر بالاعتراف بذلك.
وقيل : لمّا سألهم كأنّهم قالوا : لمن هو؟ فقال الله : قل لله ، ذكره الجرجاني فعلى هذا قوله : «قل لله» جواب للسؤال المضمر الصّادر من جهة الكفّار ، وهذا بعيد ؛ لأنهم لم يكونوا يشكّون في أنّه لله ، وإنما هذا سؤال تبكيت وتوبيخ ، ولو أجابوا لم يسعهم أن يجيبوا إلّا بذلك (٥).
وقال ابن الخطيب (٦) : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أمره بالسّؤال أوّلا (٧) ، ثمّ بالجواب ثانيا ، وهذا إنّما يحسن في الموضع الذي يكون جوابه قد بلغ في الظهور إلى حيث لا يقدر على إنكاره منكر ، ولمّا كانت آثار الحدوث والإمكان ظاهرة في ذوات جميع
__________________
(١) في ب : في كتب النحو.
(٢) في ب : ونظيره.
(٣) في ب : ما.
(٤) سقط في ب.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٦ ـ ١٧ البحر المحيط ٤ / ٨٦.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ١٣٦.
(٧) في ب : أولا بالسؤال