الثاني : أن تكون استفهاميّة ، فتكون في محلّ رفع بالابتداء ، و (تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) تكون واسمها وخبرها في محلّ رفع خبرا لها ، وهي وخبرها في محلّ نصب : إمّا لسدّها مسدّ مفعول واحد إن كانت «علم» عرفانيّة ، وإمّا لسدّها مسدّ اثنين إن كانت يقينيّة.
وقرأ الأخوان : «من يكون له عاقبة الدّار» هنا ، وفي «القصص» [الآية : ٣٧] بالياء ، والباقون : بالتاء من فوق (١) ، وهما واضحتان ، فإن تأنيثها غير حقيقيّ ، وقد تقدم ذلك في قوله : (وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) [البقرة : ١٢٣].
وقوله : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
قال ابن عباس : أي لا يسعد من كفر بي وأشرك.
وقال الضّحّاك : لا يفوز.
قوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ)(١٣٦)
لما بيّن قبح طريقهم في إنكار البعث ، ذكر بعده أنواعا من جهالتهم ؛ تنبيها على ضعف عقولهم وتنفيرا للعقلاء عن الالتفات إلى كلماتهم ، فمن جملتها أن يجعلوا لله من حرثهم ومن أنعامهم نصيبا.
و «جعل» هنا بمعنى «صيّر» فيتعدّى لاثنين : أولهما : «نصيبا» ، والثاني : قوله «لله» ، و (مِمَّا ذَرَأَ) يجوز أن يتعلّق ب «الجعل» وأن يتعلّق بمحذوف ؛ لأنه كان في الأصل صفة ل «نصيبا» فلما قدّم عليه انتصب حالا ، والتقدير : وجعلوا نصيبا ممّا ذرأ [الله] و (مِنَ الْحَرْثِ) يجوز أن يكون بدلا (مِمَّا ذَرَأَ) بإعادة العامل ؛ كأنه قيل وجعلوا لله من الحرث والأنعام نصيبا ، ويجوز أن يتعلّق ب «ذرأ» ، وأن يتعلّق بمحذوف على أنه حال : إمّا من «ما» الموصولة ، أو من عائدها المحذوف ، وفي الكلام حذف مفعول اقتضاه [التقسيم](٢) ، والتقدير : وجعلوا لله نصيبا من كذا ، ولشركائهم نصيبا منه يدلّ عليه ما بعده من قوله : (فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا) [و «هذا لله» جملة منصوبة المحلّ بالقول ، وكذلك قوله : (وَهذا لِشُرَكائِنا)](٣) وقوله : «بزعمهم» فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلّق ب «قالوا» أي : فقالوا ذلك القول بزعم لا بيقين واستبصار.
__________________
(١) ينظر : الحجة لأبي زرعة ٢٧٢ النشر ٢ / ٢٦٣ الحجة لابن خالويه (١٥٠) السبعة ٢٧١ ، الفراء ١ / ٣٥٦.
(٢) في أ : التقدير.
(٣) سقط في ب.