شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ)(١٣٧)
(وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ)(١٣٧)
هذا نوع آخر من أحكامهم الفاسدة ومذاهبهم الباطلة.
قوله : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ) هذا في محلّ نصب نعتا لمصدر محذوف كنظائره ، فقدّره الزمخشري (١) تقديرين ، فقال : «ومثل ذلك التّزيين وهو تزيين الشّرك في قسمة القربان بين الله والآلهة ، أو : ومثل ذلك التّزيين البليغ الذي علم من الشّياطين».
قال أبو حيّان (٢) : قال ابن الأنباري : ويجوز أن يكون «كذلك» مستأنفا غير مشار به إلى ما قبله ، فيكون المعنى : وهكذا زيّن.
قال شهاب الدّين (٣) : والمنقول عن ابن الأنباري أنه مشار به إلى ما قبله ، نقل الواحدي عنه ؛ أنه قال : «ذلك» إشارة إلى ما نعاه الله عليهم من قسمهم ما قسموا بالجهل ، فكأنه قيل : ومثل ذلك الذي أتوه في القسم جهلا وخطأ زيّن لكثير من المشركين ، فشبّه تزيين الشّركاء بخطابهم في القسم وهذا معنى قول الزّجّاج ، وفي هذه الآية قراءات كثيرة ، والمتواتر منها ثنتان.
الأولى : قرأ العامّة (٤) «زيّن» مبنيا للفاعل و «قتل» نصب على المفعوليّة و «أولادهم» خفض بالإضافة ، و «شركاؤهم» رفع على الفاعليّة ، وهي قراءة واضحة المعنى والتّركيب.
وقرأ ابن عامر : «زيّن» مبنيا للمفعول ، «قتل» رفعا على ما لم يسمّ فاعله ، «أولادهم» نصبا على المفعول بالمصدر ، «شركائهم» خفضا على إضافة المصدر إليه فاعلا ، وهذه القراءة متواترة صحيحة ، وقد تجرأ كثير من النّاس على قارئها بما لا ينبغي ، وهو أعلى القرّاء السّبعة سندا وأقدمهم هجرة.
أمّا علوّ سنده : فإنّه قرأ على أبي الدّرداء ، وواثلة بن الأسقع ، وفضالة بن عبيد ، ومعاوية بن أبي سفيان ، والمغيرة المخزومي ، ونقل يحيى الذّماري أنه قرأ على عثمان نفسه.
وأما قدم هجرته فإنّه ولد في حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وناهيك به أن هشام بن عمّار أحد شيوخ البخاريّ أخذ عن أصحاب أصحابه وترجمته متّسعة ذكرتها في «شرح القصيد» ،
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٦٩.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٣١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٨٦.
(٤) ينظر : السبعة ٢٧٠ الحجة لأبي زرعة ٢٧٣ النشر ٢ / ٢٦٣ المشكل ١ / ٢٧١ ـ ٢٧٢ إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٣٢ المصاحف لابن أبي داود (٤٥) الحجة لابن خالويه ١٥٠ تفسير الطبري ٨ / ٣٣ معاني الفراء ١ / ٣٥٧ التبيان ١ / ٥٤٠ الدر المصون ٣ / ١٨٦ إعراب القراءات ١ / ١٧١.