قال شهاب الدين (١) : هذا هو المشهور عند النّاس ، أعني : اختصاص الياء بمصاحف الشّام ، ولكن أبو البرهسم ثقة أيضا ، فنقبل ما ينقله. وقد تقدّم قول الزّمخشري : «والذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف «شركائهم» مكتوبا بالياء».
وقال الشّيخ [شهاب الدّين](٢) أبو شامة : «ولا بعد فيما استبعده أهل النّحو من جهة المعنى ؛ وذلك أنه قد عهد تقدّم المفعول على الفاعل المرفوع لفظا ، فاستمرت له هذه المرتبة مع الفاعل المرفوع تقديرا ، فإنّ المصدر لو كان منوّنا لجاز تقديم المفعول على فاعله ، نحو : «أعجبني ضرب عمرا زيد» فكذا في الإضافة ، وقد ثبت جواز الفصل بين حرف الجرّ ومجروره مع شدّة الاتّصال بينهما أكثر من شدّته بين المضاف والمضاف إليه ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء : ١٥٥] ، (فَبِما رَحْمَةٍ) [آل عمران : ١٥٩] ف «ما» زائدة في اللّفظ ، فكأنها ساقطة فيه لسقوطها في المعنى ، والمفعول المقدّم هو غير موضعه معنى فكأنه مؤخّر لفظا ، ولا التفات إلى قول من زعم أنه لم يأت في الكلام المنثور مثله ؛ لأنه ناف ، ومن أسند هذه القراءة مثبت ، والإثبات مرجّح على النّفي بإجماع ، ولو نقل إلى هذا الزّاعم عن بعض العرب أنه استعمله في النّثر ، لرجع إليه ، فما باله لا يكتفي بناقل القراءة من التّابعين عن الصّحابة؟ ثم الذي حكاه ابن الأنباري يعني ممّا تقدّم حكايته من قولهم : «هو غلام إن شاء الله أخيك» فيه الفصل في غير الشّعر بجملة».
وقرأ أبو عبد الرّحمن السلمي ، والحسن البصري ، وعبد الملك قاضي الجند صاحب ابن عامر : «زيّن» مبنيا للمفعول ، «قتل» رفعا على ما تقدّم ، «أولادهم» خفضا بالإضافة ، «شركاؤهم» رفعا ، وفي رفعه تخريجان :
أحدهما ـ وهو تخريج سيبويه (٣) ـ : أنه مرفوع بفعل مقدّر ، تقديره : زيّنه شركاؤهم ، [فهو جواب لسؤال] مقدر كأنّه قيل : من زيّنة لهم؟ فقيل : «شركاؤهم» ؛ وهذا كقوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ) [النور : ٣٦] أي : يسبّحه.
وقال الآخر : [الطويل]
٢٣٥٤ ـ ليبك يزيد ضارع لخصومة |
|
.......... (٤) |
والثاني : خرجه قطرب ـ أن يكون «شركاؤهم» رفعا على الفاعليّة بالمصدر ، والتقدير : زيّن للمشركين أن قتل أولادهم شركاؤهم ؛ كما تقول : «حبّب لي ركوب الفرس زيد» تقديره : حبّب لي أن ركب الفرس زيد ، والفرق بين التّخريجين : أن التّخريج
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ١٩٣.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : الكتاب ١ / ١٤٦.
(٤) تقدم.