قال إبراهيم : هو الضّغث (١) وقال الرّبيع : لقاط السّنبل (٢).
وقال مجاهد : كانوا يعلّقون العذق عند الحرم ، فيأكل منه كلّ من مرّ (٣).
وقال يزيد بن الأصمّ : كان أهل المدينة إذا أحرموا يجيئون بالعذق فيعلّقونه في جانب المسجد ، فيجيء المسكين فيضربه بعصاه فيسقط منه (٤).
وقال سعيد بن جبير : كان هذا حقا يؤمر بإيتائه في ابتداء الإسلام ، فصار منسوخا بإيجاب العشر (٥).
وقال مقسم عن ابن عبّاس : نسخت الزّكاة كلّ نفقة في القرآن (٦).
والصّحيح الأوّل ؛ لأن قوله ـ تعالى ـ : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) إنما يحسن ذكره إذا كان الحقّ معلوما قبل ورود هذه الآية ؛ لئلا تبقى هذه الآية مجملة.
وقال ـ عليهالسلام ـ : «ليس في المال حقّ سوى الزّكاة» فوجب أن يكون المراد بهذا الحقّ حق الزّكاة.
قوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) بعد ذكر العنب والنّخل والزّرع والزّيتون والرّمّان يدلّ
على وجوب الزّكاة في الثّمار كما يقوله أبو حنيفة ، فإن لفظ الحصاد قيل : هو مخصوص بالزّرع.
فالجواب : لفظ الحصد في اللّغة عبارة عن القطع ، وذلك يتناول الكلّ ، وأيضا فالضّمير في قوله : «حصاده» يجب عوده إلى أقرب المذكورات وذلك هو الزّيتون والرّمّان ، فوجب أن يعود الضّمير.
فصل في بيان زكاة الزروع
قال أبو حنيفة : العشر واجب في القليل والكثير لهذه الآية.
وقال الأكثرون : لا يجب إلّا إذا بلغ خمسة أوسق ؛ لأن الحديث عن الحقّ الواجب ههنا ما هو (٧).
قال القرطبي (٨) : وبهذه الآية استدلّ من أوجب العشر في الخضراوات ؛ لقوله
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٦٦).
(٢) المصدر السابق.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٦٦ ، ٣٦٧).
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٩٢) وعزاه لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٦٧) عن سعيد بن جبير.
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ١٣٧) من طريق مقسم عن ابن عباس.
(٧) ينظر : الرازي ١٣ / ١٧٥.
(٨) ينظر : القرطبي ٧ / ٦٨.