وقال أبو عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم : الإسراف ما لم يقدر على ردّه إلى الصّلاح (١).
وقال النّضر بن شميل (٢) : الإسراف : التّبذير والإفراط ، والسّرف : الغفلة والجهلة ، وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام : ١٤١] المقصود منه الزّجر ؛ لأن كل من لا يحبّه الله ـ تعالى ـ فهو من أهل النّار ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) [المائدة : ١٨] ، حين قالوا (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة : ١٨].
قوله تعالى : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(١٤٢)
قوله ـ تعالى ـ : (حَمُولَةً وَفَرْشاً) منصوبان على أنّهما نسقا على «جنّات» أي : وأنشأ من الأنعام حمولة ، و «الأنعام» قيل : هي من الإبل خاصّة ، وقيل : الإبل والبقر والغنم.
وقيل : ما أحلّه الله ـ تعالى ـ من الحيوان ؛ قاله أحمد بن يحيى (٣) ، قال القرطبيّ : وهذا أصحّها.
وقال القرطبي : فعولة بفتح الفاء ، إذا كانت بمعنى الفاعل استوى فيها المذكّر والمؤنّث ؛ نحو قولك : رجل فروقة وامرأة فروقة للجبان والخائف ، ورجل صرورة وامرأة صرورة إذا لم يحجّا ؛ ولا جمع له فإذا كانت بمعنى المفعول ، فرق بين المذكّر والمؤنّث بالهاء ؛ كالحلوبة والرّكوبة ، والحمولة بضم الحاء : أحمال وأما الحمول : بالضّمّ بغير هاء فهي الإبل الّتي عليها الهوادج كان فيها نساء أو لم يكنّ ؛ قاله أبو زيد (٤).
والحمولة : ما أطاق الحمل عليه من الإبل ، والفرش : صغارها هذا هو المشهور في اللّغة.
وقيل الحمولة : كبار الأنعام ، أعني : الإبل والبقر والغنم ، والفرش : صغارها قال : «ويدلّ له أنّه أبدل منه قوله بعد ذلك : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ) كما سيأتي لأنها دانية من
__________________
ـ قال أبو عيسى : هذا حديث غريب ، وقد تكلم أحمد بن حنبل في سعد بن سنان ، هكذا روى الليث عن سعد بن سنان ، وقال عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن يزيد أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس. قال محمد بن إسماعيل : الصحيح سنان بن سعد. وابن ماجه في كتاب الزكاة (١ / ٥٧٨) باب ما جاء في عمال الصدقة (١٨٠٨). وأبو عبيد في الأموال ص ٣٦٤ ، كتاب الصدقة وأحكامها وسننها : باب ما يجب على المصدق من العدل في عمله وما في ذلك من الفضل (١٠٨٢).
والبغوي في «شرح السنة» (٣ / ٣٦٤) من طريق سعد بن سنان عن أنس بن مالك مرفوعا.
ومعنى الحديث : أن على المعتدي في الصّدقة من الإثم ما على المانع ، ولا يحل لرب المال كتمان المال وإن اعتدى عليه الساعي.
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ٧٣.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : القرطبي ٧ / ٧٣.
(٤) ينظر : القرطبي ٧ / ٧٣ ـ ٧٤.