أنفسكم ، كما فعله أهل الجاهليّة ، أي : لا تسلكوا طرائق الشّيطان وأبان (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) أي : بيّن العداوة أخرج آدم من الجنّة ، وقوله : (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٦٢].
قال الزجاج : في خطوات الشّيطان ثلاثة أوجه : ضم الطاء (١) ، وفتحها ، وإسكانها.
قوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(١٤٤)
قوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) في نصبه ستة أوجه :
أحسنها : أن يكون بدلا من (حَمُولَةً وَفَرْشاً) لو لا ما نقله الزّجّاج من الإجماع المتقدّم ، ولكن ليس فيه أنّ ذلك محصور في الإبل ، والقول بالبدل هو قول الزّجّاج (٢) والفرّاء (٣).
والثاني : أنه منصوب ب «كلوا» الذي قبله أي : كلوا ثمانية أزواج ، ويكون قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَتَّبِعُوا) إلى آخره كالمعترض بين الفعل ومنصوبه ، وهو قول عليّ بن سليمان ، وقدّره : كلوا لحم ثمانية.
وقال أبو البقاء ـ رحمهالله (٤) ـ : هو منصوب ب «كلوا» تقديره : كلوا ممّا رزقكم الله ثمانية أزواج ، (وَلا تُسْرِفُوا) معترض بينهما.
قال شهاب الدّين (٥) : صوابه أن يقول : (وَلا تَتَّبِعُوا) بدل (وَلا تُسْرِفُوا) ؛ لأن «كلوا» ـ الذي يليه (وَلا تُسْرِفُوا) ـ ليس منصبّا على هذا ؛ لأنه بعيد منه ، ولأن بعده ما هو أولى منه بالعمل ، ويحتمل أن يكون الناسخ غلط عليه ، وإنما قال هو : (وَلا تَتَّبِعُوا) ؛ ويدل على ذلك أنه قال : «تقديره : كلوا ممّا رزقكم الله». و «كلوا» الأوّل ليس بعده (مِمَّا رَزَقَكُمُ) ، إنما هو بعد الثّاني.
الثالث : أنه عطف على «جنّات» أي : أنشأ جنات وأنشأ ثمانية أزواج ، ثم حذف الفعل وحرف العطف ؛ وهو مذهب الكسائيّ.
قال أبو البقاء (٦) : «وهو ضعيف».
__________________
(١) ينظر : الرازي ١٣ / ١٧٧.
(٢) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٣٢٨.
(٣) ينظر : معاني القرآن ١ / ٣٥٩.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٣.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٦) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٣.