محل نصب ؛ لأنه صفة له ؛ كأنه قيل : أو فسقا مهلّا به لغير الله ، جعل العين المحرّمة نفس الفسق ؛ مبالفة ، أو على حذف مضاف ، ويفسّره ما تقدّم من قوله : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ).
الثاني : أنه منصوب عطفا على محلّ المستثنى ، أي : إلا أن يكون ميتة أو إلّا فسقا ، وقوله : (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) اعتراض بين المتعاطفين.
والثالث : أن يكون مفعولا من أجله ، والعامل فيه قوله : «أهلّ» مقدّم عليه ، ويكون قد فصل بين حرف العطف وهو «أو» ، وبين المعطوف وهو الجملة من قوله : «أهلّ» بهذا المفعول من أجله ؛ ونظيره في تقديم المفعول له على عامله قوله : [الطويل]
٢٣٧٠ ـ طربت وما شوقا إلى البيض أطرب |
|
ولا لعبا منّي وذو الشّيب يلعب (١) |
و «أهلّ» على هذا الإعراب عطف على «يكون» ، والضّمير في «به» عائد على ما عاد عليه الضّمير المستتر في «يكون» ، وقد تقدم تحقيقه ، قاله الزمخشري (٢).
إلّا أن أبا حيّان (٣) تعقّب عليه ذلك ؛ فقال : «وهذا إعراب متكلّف جدا ، وتركيبه على هذا الإعراب خارج عن الفصاحة ، وغير جائز على قراءة من قرأ : «إلا أن يكون ميتة» بالرّفع ، فيبقى الضّمير في «به» ليس له ما يعود عليه ، ولا يجوز أن يتكلّف محذوف حتى يعود الضّمير عليه ، فيكون التّقدير : أو شيء أهلّ لغير الله به ؛ لأن مثل هذا لا يجوز إلّا في ضرورة الشّعر».
قال شهاب الدّين (٤) : يعني بذلك : أنّه لا يحذف الموصوف والصّفة جملة ، إلا إذا كان في الكلام «من» التّبعيضيّة ؛ كقولهم : «منّا ظعن ومنّا أقام» أي : منا فريق ظعن ، ومنّا فريق أقام فإن لم يكن فيه «من» كان ضرورة ؛ كقوله : [الرجز]
٢٣٧١ ـ ترمي بكفّي كان من أرمى البشر (٥)
أي : بكفّي رجل ؛ وهذا رأي بعضهم ، وأما غيره فيقول : متى دلّ على الموصوف ، حذف مطلقا ، فقد يجوز أن يرى الزّمخشري هذا الرّأي.
فصل في هل التحريم مقصور على هذه الأشياء؟
ذهب بعض أهل العلم إلى أن التّحريم مقصور على هذه الأشياء ؛ يروى ذلك عن عائشة وابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ قالوا : ويدخل في الميتة المنخنقة والموقوذة وما
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٥.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٤٤.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٠٥.
(٥) ينظر : الخصائص ٢ / ٣٦٧ المحتسب ٢ / ٢٢٧ ، ابن يعيش ٣ / ٥٩ ، الإنصاف / ١١٥ ، المغني ١ / ١٦٠ ، الدر المصون ٣ / ٢٠٦.