٢٣٧٤ ـ .......... |
|
وقد ركدت وسط السّماء نجومها (١) |
فقدّم الظّرف وجوبا ؛ لعود الضّمير الذي اتّصل بالفاعل على المجرور بالظّرف».
قال شهاب الدّين (٢) : «لقائل أن يقول : لا نسلّم أن أبا البقاء إنما منع ذلك لما ذكرت ، حتى يلزم بما ألزمته ، بل قد يكون منعه لأمر معنويّ».
والإضافة في قوله : «شحومهما» تفيد الدّلالة على تأكيد التّخصيص والرّبط ، إذ لو أتى في الكلام : «من البقر والغنم حرّمنا عليهم الشّحوم» لكان كافيا في الدّلالة على أنّه لا يراد إلّا شحوم البقر والغنم ؛ هذا كلام أبي حيّان ، وهو بسط ما قاله الزّمخشري ؛ فإنه قال (٣) : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) ؛ كقولك : «من زيد أخذت ماله» تريد بالإضافة زيادة الرّبط.
قوله : (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) «ما» موصولة في محل نصب على الاستثناء المتّصل من الشّحوم ، أي : إنه لم يحرّم الشّحم المحمول على الظّهر ، ثم إن شئت جعلت هذا الموصول نعتا لمحذوف ، أي : إلا الشّحم الذي حملته ظهورهما ؛ كذا قدّره أبو حيان (٤) ، وفيه نظر ؛ لأنه قد نصّ على أنّه لا يوصف ب «ما» الموصولة وإن كان يوصف بالذي ، وقد ردّ هو على غيره بذلك في مثل هذا التقدير ، وإن شئت جعلته موصوفا بشيء محذوف ، أي : إلّا الذي حملته ظهورهما من الشّحم ، وهذا الجارّ هو وصف معنويّ لا صناعي ، فإنّه لو أظهر كذا ، لكان إعرابه حالا.
وقوله : «ظهورهما» يحتمل أن يكون من باب قوله : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم: ٤] ، بالنسبة إلى ضمير [البقر] والغنم من غير نظر إلى جمعيّتهما في المعنى ، ويحتمل أن يكون جمع «الظّهور» لأنّ المضاف إليه جمع في المعنى ؛ فهو مثل : «قطعت رؤوس الخرفان» فالتّثنية في مثل هذا ممتنعة.
فصل في تفسير الشحم
قال ابن عبّاس : «إلا ما علق بالظّهر من الشحم ، فإنّي لم أحرمه» (٥) وقال قتادة : «إلا ما علق بالظّهر والجنب من داخل بطونها» (٦).
__________________
(١) صدر بيت لامرىء القيس وعجزه :
ركود فؤادي الرّبرب المتورق
ينظر : ديوانه (١٧١) ، الدر المصون ٣ / ٢٠٧.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٠٧.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٥.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٤٦.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٨٤) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٣ / ١٨٣).