ألزموا نفي الإشراك وعدمه ، وهذا ـ وإن كان ذكره جماعة كما نقله ابن الأنباريّ ـ ضعيف ؛ لتفكك التركيب عن ظاهره ؛ ولأنه لا يتبادر إلى الذّهن.
الخامس : أنها وما في حيّزها في محلّ نصب أو جرّ على حذف لام العلّة ، والتقدير : أتل ما حرّم ربّكم عليكم لئلّا تشركوا ، و [هذا] منقول عن أبي إسحاق (١) ، إلا أن بعضهم استبعده من حيث إن ما بعده أمر معطوف بالواو ، ومناه معطوفة بالواو أيضا ، فلا يناسب أن يكون تبيينا لما حرّم ، أمّا الأمر فمن حيث المعنى ، وأمّا المناهي فمن حيث العطف.
السادس : أن تكون هي وما بعدها في محلّ نصب بإضمار فعل ، تقديره : أوصيكم ألّا تشركوا ؛ لأن قوله : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) محمول على أوصيكم بالوالدين إحسانا ، وهذا مذهب أبي إسحاق (٢) أيضا.
السابع : أن يكون «أن» وما في حيّزها في موضع رفع على أنها خبر مبتدأ محذوف ، أي : المحرّم ألّا تشركوا ، أو المتلوّ ألا تشركوا ، إلا أن التّقدير بنحو المتلو أحسن ؛ لأنه لا يحوج إلى زيادة «لا» ، والتقدير بالمحرّم ألّا تشركوا ، يحوج إلى زيادتها لئلا يفسد المعنى.
الثامن : أنها في محلّ رفع أيضا على الابتداء ، والخبر الجارّ قبله ، والتقدير : عليكم عدم الإشراك ، ويكون الوقف على قوله : «ربّكم» كما تقدّم في وجه الإغراء ، هذا مذهب لأبي بكر بن الأنباري ؛ فإنه قال : «ويجوز أن يكون في موضع [رفع] ب «على» كما تقول : «كتب عليكم الصيام والحجّ».
التاسع : أن يكون في موضع رفع بالفاعليّة بالجارّ قبلها ، وهو ظاهر قول ابن الأنباري المتقدّم ، والتقدير : استقرّ عليكم عدم الإشراك.
وقد تحصّلت في محلّ (أَلَّا تُشْرِكُوا) على ثلاثة أوجه : الرّفع ، والنّصب ، والجرّ : فالجرّ من وجه واحد ، وهو أن يكون على حذف حرف الجرّ على مذهب الخليل والكسائيّ ، والرفع من ثلاثة أوجه ، والنّصب من ستّة أوجه ، فمجموع ذلك عشرة أوجه تقدم تحريرها.
و «شيئا» فيه وجهان :
أحدهما : أنه مفعول به.
والثاني : أنه مصدر ، أي : إشراكا ، أي : شيئا من الإشراك.
وقوله : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) تقدم تحريره في البقرة [الآية ٨٣].
قوله ـ تعالى ـ : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ، الإحسان إلى الوالدين : برّهما وحفظهما ،
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٣٣٤.
(٢) ينظر : المصدر السابق.