عاهدكم الله عليه ، وأن يكون [مضافا لمفعوله ، أي : بما عاهدتم الله عليه ؛ كقوله : (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) [الأحزاب : ٢٣] ، (بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) [الفتح : ١٠] وأن تكون](١) الإضافة لمجرد البيان ، أضيف إلى الله ـ تعالى ـ من حيث إنه الآمر بحفظه والمراد به العهد الواقع بين الآيتين.
فإن قيل : ما السّبب في أن ختم الآية الكريمة بقوله : «تذكّرون» ، وخاتمة الأولى «تعقلون».
فالجواب لأن الأربعة قبلها خفيّة ، تحتاج إلى إعمال فكر ونظر ، حتى يقف متعاطيها على العدل ، فناسبها التذكر ، وهذا بخلاف الخمسة الأشياء فإنها ظاهرة تعقلها وتفهمها ؛ فلذلك ختمت بالفعل.
«تذكرون» حيث وقع ، يقرؤه الأخوان وعاصم في رواية حفص بالتّخفيف ، والباقون بالتّشديد (٢) ، والأصل : «تتذكّرون» ، فمن خفّف ، حذف إحدى التّاءين ، وهل هي تاء المضارعة أو تاء التّفعل؟ خلاف مشهور ، ومن ثقّل ، أدغم التّاء في الدّال.
قوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(١٥٣)
قوله : (وَأَنَّ هذا) قرأ الأخوان : بكسر «إنّ» على الاستئناف (٣) أو يكون «أتل» بمعنى : أقول إن هذا ، و «فاتبعوه» : جملة معطوفة على الجملة قبلها. وهذه الجملة الاستئنافيّة تفيد التّعليل لقوله : «فاتّبعوه» ، ولذلك استشهد بها الزّمخشري (٤) على ذلك كما تقدّم ، فعلى هذا يكون الكلام في الفاء في «فاتّبعوه» ؛ كالكلام فيها في قراءة غيرها ، وستأتي.
وقرأ ابن (٥) عامر : «وأن» بفتح الهمزة وتخفيف النون ، والباقون (٦) بالفتح أيضا والتّشديد.
فأمّا قراءة الجماعة ففيها أربعة وجوه :
أحدها ـ وهو الظّاهر ـ : أنها في محلّ نصب نسقا على ما حرّم ، أي : أتل ما حرّم ،
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) ينظر : إعراب القراءات ١ / ١٧٣ إتحاف ٢ / ٣٨ النشر ٢ / ٢٦٦ ، السبعة (٢٧٢) الكشف ١ / ٤٥٧.
(٣) ينظر : السبعة ٢٧٣ إعراب القراءات ١ / ١٧٣ النشر ٢ / ٢٦٦ الحجة لابن خالويه ١٥٢ ولأبي زرعة ٢٧٧ التبيان ١ / ٥٤٩.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٨٠.
(٥) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢١٨ ، المحرر الوجيز ٢ / ٣٦٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٥٤.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢١٨ ، المحرر الوجيز ٢ / ٣٦٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٥٤.