والخوض في الكلام ، وهذه عرضة للزّلل. قاله ابن عطية (١).
قوله تعالى : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) (١٥٤)
أصل «ثمّ» : المهلة في الزمان ، وقد تأتي للمهلة في الإخبار.
وقال الزّجّاج (٢) : وهو معطوف على «أتل» تقديره : أتل ما حرّم ثم أتل ما آتينا.
وقيل : هو معطوف على «قل» أي : على إضمار قل ، أي : ثم قل : آتينا.
وقيل : تقديره : ثم أخبركم آتينا.
وقال الزمخشري (٣) : عطف على وصّاكم به» قال : «فإن قلت : كيف صحّ عطفه عليه ب «ثم» ، والإيتاء قبل التّوصية به بدهر طويل؟
قال شهاب الدين (٤) : هذه التّوصية قديمة لم يزل تتواصاها كل أمّة على لسان نبيّها ، فكأنه قيل : ذلكم وصّاكم به يا بني آدم قديما وحديثا ، ثم أعظم من ذلك أنّا آتينا موسى الكتاب.
وقيل : هو معطوف على ما تقدّم قبل شطر السورة من قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) [الأنعام : ٨٤].
وقال ابن عطية (٥) ـ رحمهالله تعالى ـ : «مهلتها في ترتيب القول الذي أمر به محمّد صلىاللهعليهوسلم كأنّه قال : ثم ممّا وصّيناه أنا أتينا موسى الكتاب ، ويدعو إلى ذلك أن موسى ـ عليهالسلام ـ متقدّم بالزمان على محمّد ـ عليه الصّلاة والسلام ـ».
وقال ابن القشيري : «في الكلام حذف ، تقديره : ثم كنّا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن العظيم على محمّد ـ عليه الصلاة والسلام ـ».
وقال أبو حيّان (٦) : «والذي ينبغي أن يستعمل للعطف كالواو من غير اعتبار مهلة ، وبذلك قال [بعض] النّحويّين».
قال شهاب الدّين (٧) : وهذه استراحة ، وأيضا لا يلزم من انتفاء المهلة انتفاء الترتيب فكان ينبغي أن يقول من غير اعتبار ترتيب ولا مهلة على أن الفرض في هذه الآية عدم الترتيب في الزمان.
قوله : «تماما» يجوز فيه خمسة أوجه :
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٦٤.
(٢) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٣٣٦.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٨٠.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٢٠.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٦٢.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٥٥.
(٧) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٢٠.