أصل ، كما جاز ذلك في : «إنّ زيدا طعامك لآكل» حيث وقعت في غير ما هو لها [أصل](١) ولم يجز ذلك فيها إذا وقعت فيما هو لها أصل ، وهو دخولها على المبتدأ.
وقال أبو البقاء (٢) واللّام في «لغافلين» : عوض أو فارقة بين «إن» و «ما».
قال شهاب الدين (٣) : قوله : «عوض» عبارة غريبة ، وأكثر ما يقال : إنها عوض عن التّشديد الّذي ذهب من «إن» وليس بشيء.
فصل في معنى الآية
قال المفسّرون : «إن» هي المخفّفة من الثّقيلة ، واللّام هي الفارقة بينهما وبين النّافية ، والأصل : وإن كنّا عن دراستهم غافلين ، والمعنى : إثبات الحجّة عليهم بإنزال القرآن عليهم ، وقوله : (وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) أي : لا نعلم ما هي ، لأن كتابهم ليس بلغتنا.
قوله : (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ).
أي : لئلّا تقولوا أو تحتجّوا بذلك ، ثمّ إنّه ـ تعالى ـ قطع احتجاجهم بهذا ، فقال : (فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) وهو القرآن العظيم بيّنة فيما يعلم سمعا ، وهو هدى فيما يعلم سمعا وعقلا ، فلما اختلفت الفائدة ، صحّ هذا العطف ، ومعنى «رحمة» أي : نعمة في الدّين.
قوله : (فَقَدْ جاءَكُمْ) : جواب شرط مقدّر فقدّره الزّمخشريّ : إن صدقتم فيما كنتم تعدّون من أنفسكم ، فقد جاءكم ، قال : «وهو من أحسن الحذوف» وقدّره غيره : إن كنتم كما تزعمون : أنّكم إذا أنزل عليكم كتاب ، تكونون أهدى من اليهود والنّصارى ، فقد جاءكم ، ولم يؤنّث الفعل ؛ لأن التّأنيث مجازيّ ، وللفصل بالمفعول ، و (مِنْ رَبِّكُمْ) يجوز أن يتعلّق ب «جاءكم» وأن يتعلّق بمحذوف على أنّه صفة ل «بيّنة».
وقوله : (هُدىً وَرَحْمَةٌ) : محذوف بعدهما : من ربّكم.
قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ) الظّاهر أنّها جملة مستقلة.
وقال بعضهم : هي جواب شرط مقدّر ، تقديره : فإن كذّبتم ، فلا أحد أظلم منكم.
والجمهور (٤) على «كذّب» مشدّدا ، وبآيات الله متعلّق به ، وقرأ يحيى بن (٥) وثاب ، وابن أبي عبلة : «كذب» بالتخفيف ، و (بِآياتِ اللهِ) : يجوز أن يكون مفعولا ، وأن يكون
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٦.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٢٢.
(٤) ينظر : المحتسب ١ / ٢٣٥ الدر المصون ٣ / ٢٢٣.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٥٨ ، والدر المصون ٣ / ٢٢٣ والمحرر الوجيز ٢ / ٣٦٦.