قال النّحّاس (١) : «في هذا شيء دقيق ذكره سيبويه (٢) : وذلك أن الإيمان ، والنّفس كلّ منهما مشتمل على الآخر ، فأنّث الإيمان ، إذ هو من النّفس وبها» وأنشد سيبويه : [الطويل]
٢٣٩٣ ـ مشين كما اهتزّت ... |
|
.......... (٣) |
وقال الزّمخشريّ (٤) : «في هذه القراءة ، يكون الإيمان مضافا إلى ضمير المؤنّث الذي هو بعضه ؛ كقولهم : ذهبت بعض أصابعه».
قال أبو حيّان (٥) : «وهو غلط ؛ لأن الإيمان ليس بعضا من النّفس».
قال شهاب الدّين (٦) : وقد تقدّم آنفا ما يشهد لصحّة هذه العبارة من كلام النّحّاس ، في قوله عن سيبويه : «وذلك أن الإيمان والنّفس كلّ منهما مشتمل على الآخر ، فأنّث الإيمان ، إذ هو من النّفس وبها» فلا فرق بين هاتين العبارتين ، أي : لا فرق بين أن يقول : هو منها وبها ، أو هو بعضها ، والمراد في العبارتين : المجاز.
فصل
أجمعوا على أنّ المقصود بهذه الآية : علامة القيامة ، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : «كنّا نتذكر السّاعة [إذ أشرف علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ما تتذاكرون؟
قلنا : نتذاكر السّاعة](٧).
قال : إنها لا تقوم حتّى تروا قبلها عشر آيات : الدّخان ، ودابّة الأرض ، وخسفا بالمشرق ، وخسفا بالمغرب ، وخسفا بجزيرة العرب ، والدّجّال ، وطلوع الشّمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى ـ عليهالسلام ـ ، ونارا تخرج من عدن» (٨).
وروى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تقوم السّاعة حتى تطلع الشّمس من مغربها ؛ فإذا طلعت ورآها النّاس ، آمنوا أجمعين ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» (٩).
__________________
(١) ينظر : إعراب القرآن ١ / ٥٩٤.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ٢٥.
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٨٢.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٦٠.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٢٤.
(٧) سقط في أ.
(٨) أخرجه مسلم ٤ / ٢٢٢٥ ـ ٢٢٢٦ كتاب الفتن : باب الآيات التي تكون قبل الساعة (٣٩ ـ ٢٩٥١) وأبو داود ٤ / ١١٤ ـ ١١٥ كتاب الملاحم : باب أمارات الساعة (٤٢١١) وابن ماجه في المصدر السابق (٤٠٥٥).
(٩) والحديث أخرجه البخاري ٨ / ٢٩٧ في التفسير : باب لا ينفع نفسا إيمانها (٤٦٣٦) ومسلم ١ / ١٣٧ في الإيمان : باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان (٢٤٨ / ١٥٧).