ضعيفا ؛ كأنه استشعر ما ذكره الزّمخشري ، ففرّ من جعلها نعتا ، وأبو حيّان جعل (١) الحال بعيدا ، والاستئناف أبعد منه.
ثم قال ـ تعالى ـ : (قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) وهذا وعيد وتهديد.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ)(١٥٩)
قرأ الأخوان (٢) : «فارقوا» : من المفارقة.
قال القرطبي (٣) ـ رحمة الله عليه ـ : «وهي قراءة عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ من المفارقة والفراق ، على معنى : أنّهم تركوا دينهم وخرجوا عنه ، وكان عليّ ـ كرم الله وجهه ـ يقول : والله ما فرّقوه ، ولكن فارقوه».
وقال شهاب الدّين (٤) : فيها وجهان :
أحدهما : أن «فاعل» بمعنى : فعّل ، نحو : ضاعفت الحساب ، وضعّفته.
وقيل : هي من المفارقة ، وهي التّرك ، والتّخلية ، ومن فرّق دينه ؛ فآمن ببعض وكفر ببعض ، فقد فارق الدّين القيم.
وقرأ الباقون : «فرّقوا» بالتّشديد ، وقرأ الأعمش ، وأبو صالح ، وإبراهيم : «فرقوا» مخفف الراء.
قال أبو البقاء : «وهو بمعنى المشدّد ، ويجوز أن يكون بمعنى : فصلوه عن الدّين الحقّ» وقد تقدّم معنى الشّيع ، أي : صاروا فرقا مختلفة.
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : يريد : المشركين ، بعضهم يعبدون الملائكة ، ويزعمون أنّهم بنات الله ، وبعضهم يعبدون الأصنام ، ويقولون : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ)(٥)(اللهِ) و (كانُوا شِيَعاً) أي : فرقا وأحزابا في الضّلالة.
وقال مجاهد ، وقتادة : هم اليهود والنّصارى ؛ لأن النّصارى تفرّقوا فرقا ، ويكفّر بعضهم بعضا ، واليهود أخذوا ببعض الكتاب ، وتركوا بعضه (٦).
وقيل : هم أهل البدع والشّبهات من هذه الأمّة وروى عمر بن الخطّاب ـ رضي الله
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٦٠.
(٢) ينظر : النشر ٢ / ٢٦٦ السبعة ٢٧٤ الحجة لأبي زرعة ٢٧٨ ولابن خالويه ١٥٢ ومعاني الفراء ١ / ٣٦٦ والدر المصون ٣ / ٢٥ إعراب القراءات ١ / ١٧٣.
(٣) ينظر : القرطبي ٧ / ٩٧.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٢٥.
(٥) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٤ / ٧ ـ ٨).
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤١٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١١٨) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.