عنه ـ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعائشة ـ رضي الله عنها ـ : «يا عائشة! إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء من هذه الأمّة» (١).
وروى عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ بني إسرائيل تفرّقت على اثنين وسبعين ملّة ، وتفرّقت أمّتي على ثلاث وسبعين ملّة كلّها في النّار إلّا واحدة» ، قال : من هي يا رسول الله؟ قال : «ما أنا عليه وأصحابي» (٢).
قوله : (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ).
«لست» : في محلّ رفع خبرا ل «إنّ» ، و «منهم» : هو خبر «ليس» إذ به تتم الفائدة ؛ كقول النابغة : [الوافر]
٢٣٩٤ ـ إذا حاولت في أسد فجورا |
|
فإنّي لست منك ولست منّي (٣) |
ونظيره [في الإثبات](٤) : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) [إبراهيم : ٣٦].
وعلى هذا ، فيكون (فِي شَيْءٍ) متعلّقا بالاستقرار الذي تعلّق به منهم ، أي : لست مستقرّا منهم في شيء ، أي من تفريقهم. [ويجوز أن يكون (فِي شَيْءٍ) : الخبر ، و «منهم» : حال مقدّمة عليه ، وذلك على حذف مضاف ، أي : لست في شيء كائن من تفريقهم](٥) ، فلمّا قدّمت الصّفة نصبت حالا.
فصل في المراد بالآية
في المعنى قولان :
الأول : إذا أريد أهل الأهواء ، فالمعنى : أنت بريء منهم ، وهم منك براء ، أي : إنّك بعيد عن أهوائهم ومذاهبهم ، والعقاب اللّازم على تلك الأباطيل مقصور عليهم لا يتعدّاهم.
وإن أريد اليهود والنّصارى.
قال السّدّيّ : «معناه : يقولون يؤمر بقتالهم ؛ فلما أمر بقتالهم نسخ» وهذا بعيد ؛ لأن المعنى : لست من قتالهم في هذا الوقت في شيء ؛ فورود الأمر بالقتال في وقت آخر ، لا يوجب النّسخ. ثم قال : (إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) ، يعني : في الجزاء ، والمكافأة ، والإمهال ، (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) والمراد : الوعيد.
قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(١٦٠)
إنما ذكّر العدد والمعدود مذكّر ؛ لأوجه :
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤١٤).
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ب.