فألحق التّاء في عدد «أنفس» وهي مؤنّثة ؛ لأنّها يراد بها ذكور ، ومثله : (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً) [الأعراف : ١٦٠] في أحد الوجهين ، وسيأتي إن شاء الله في موضعه.
ومنها : أنّه راعى الموصوف المحذوف ، والتقدير : فله عشر حسنات أمثالها ، ثم حذف الموصوف ، وأقام صفته مقامه تاركا العدد على حاله ، ومثله : «مررت بثلاثة نسّابات» ألحقت التّاء في عدد المؤنّث مراعاة للموصوف المحذوف ، إذ الأصل : بثلاثة رجال نسّابات ، ويؤيّد هذا : قراءة يعقوب (١) ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، والأعمش ، وعيسى بن عمر : «عشر» بالتّنوين «أمثالها» بالرّفع صفة ل «عشر» أي : فله عشر حسنات أمثال تلك الحسنة ، وهذه القراءة سالمة من تلك التّأويل المذكورة في القراءة المشهورة.
وقال أبو عليّ : اجتمع هاهنا أمران ، كلّ منهما يوجب التّأنيث ، فلما اجتمعا ، قوي التّأنيث: أحدهما : أن الأمثال في المعنى : «حسنات» فجاز التأنيث كقوله : [الطويل]
٢٤٠٠ ـ .......... |
|
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (٢) |
أراد بالشّخوص : النّساء.
والآخر : أنّ المضاف إلى المؤنّث قد يؤنّث وإن كان مذكّرا ؛ كقول من قال : «قطعت بعض أصابعه» ، تلتقطه (بَعْضُ السَّيَّارَةِ) [يوسف : ١٠].
فصل في هل المراد في العدد التحديد
قال بعضهم : التقدير بالعشرة ليس المراد منه : التّحديد ، بل المراد منه : الإضعاف مطلقا ؛ كقول القائل : «إذا أسديت إليّ معروفا لأكافئنّك بعشر أمثاله» وفي الوعيد : «لئن كلّمتني [كلمة](٣) واحدة ، لأكلّمنّك عشرا» ولا يريد التّحديد ، فكذلك هنا ، ويدلّ على أنّه ليس المراد التّحديد ، قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة : ٢٦١].
وقال ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ : «الآية في غير الصّدقات».
قوله : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها).
أي : إلّا جزاء يساويها.
روى أبو ذرّ ـ رضي الله تعالى عنه ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم وشرّف وكرّم وبجّل ومجّد وعظّم قال : قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : «الحسنة عشرة أو أزيد ، والسيئة واحدة ، أو عفو ، فالويل لمن غلبت آحاده أعشاره» (٤).
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٢٧ ، النشر ٢ / ٢٢٦.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في ب.
(٤) تقدم.