الحاجز بينهما ، صار الواجب أرش موضحة واحدة ؛ فههنا ازدادت الجناية وقلّ العقاب ، فالمساواة غير معتبرة.
وجوابه أنّ ذلك من قصد الشّرع وتحكّماته.
السؤال الرابع : أنه يجب في مقابلة تفويت أكثر كلّ واحد من الأعضاء دية كاملة ثم إذا قتله وفوّت كل الأعضاء وجب دية واحدة ، وذلك يمنع القول من رعاية المماثلة.
وجوابه : أن ذلك من باب تحكّمات الشّريعة.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١٦١)
لما علم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرّف وكرّم وبجّل ومجّد وعظم دلائل التّوحيد ، والردّ على القائلين بالشّركاء والأضداد ، وبالغ في تقرير إثبات القضاء والقدر ، ورد على أهل الجاهليّة في أباطيلهم أمره ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يختم الكلام بقوله : «قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم» ، وذلك يدلّ على أنّ الهداية لا تحصل إلّا بالله ـ تبارك وتعالى سبحانه ـ.
وقال القرطبيّ (١) ـ رحمهالله تعالى ـ : «لمّا بيّن أنّ الكفّار تفرّقوا ، بيّن أنّه ـ تعالى ـ هداه إلى الصّراط المستقيم ، وهو ملّة إبراهيم ـ عليه الصلاة وأتم التسليم ـ».
قوله : «دينا» : نصبه من أوجه :
أحدها : من نصب على الحال ، قال قطرب وقيل : إنّه مصدر على المعنى ، أي : هداني هداية دين قيّم ، أو على إضمار : «عرّفني دينا» أو الزموا دينا.
وقال أبو البقاء (٢) ـ رحمة الله عليه ـ : إنّه مفعول ثان ل «هداني» وهو غلط ؛ لأنّ المفعول الثّاني هنا هو المجرور ب «إلى» فاكتفي به.
وقال مكّي (٣) ـ رحمة الله تعالى عليه ـ : «إنّه منصوب على البدل من محلّ إلى صراط مستقيم».
وقيل : ب «هداني» مقدّرة لدلالة «هداني» الأوّل عليها وهو كالذي قبله في المعنى.
قوله : «قيما» قرأ الكوفيّون (٤) ، وابن عامر : بكسر القاف وفتح الياء خفيفة ، والباقون بفتحها ، وكسر الياء مشدّدة ، ومعناه : القويم المستقيم ، وتقدّم توجيه إحدى القراءتين في النّساء والمائدة.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ٧ / ٩٨.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٧.
(٣) ينظر : المشكل ١ / ٣٠١.
(٤) ينظر : السبعة ٢٧٤ الحجة لابن خالويه ١٥٢ ولأبي زرعة ٢٧٨ النشر ٢ / ٢٦٦.