تعالى : (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] ، وتقدم فيه نظائر ، وقيل : لا حاجة إليه ؛ لأن المقام مقام تخويف.
فصل في بيان معنى الآية
والمعنى : الله شهيد بيني وبينكم أنّي قد أبلغتكم وصدقت فيما قلته وادّعيته من الرسالة ، والقرآن أيضا شاهد بنبوّتي لأنذركم به يا أهل «مكة» ، ومن بلغه القرآن العظيم.
قوله تعالى : (وَمَنْ بَلَغَ) فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه في محلّ نصب عطفا على المنصوب في «لأنذركم» ، وتكون «من» موصولة ، والعائد عليها من صلتها محذوف.
أعني : ولأنذر الذي بلغه القرآن الكريم من العرب والعجم.
وقيل : من الثّقلين.
وقيل : من بلغه [من القرآن الكريم](١) إلى يوم القيامة.
وعن سعيد بن جبير : «من بلغه من القرآن ، فكأنما رأى محمّدا عليه الصّلاة والسّلام» (٢).
الثاني : أنّ في «بلغ» ضميرا مرفوعا يعود على «من» ، ويكون المفعول محذوفا ، وهو منصوب المحلّ أيضا نسقا على مفعول «لأنذركم» والتقدير : ولأنذر الذي بلغ الحلم (٣) ، فالعائد هنا مستتر في الفعل.
الثالث : أنّ «من» مرفوعة المحلّ نسقا على الضّمير المرفوع في «لأنذركم» ، وجاز ذلك ؛ لأنّ الفصل بالمفعول والجارّ والمجرور أغنى عن تأكيده ، والتقدير : لأنذركم به ، ولينذركم الذي بلغه القرآن.
قوله : «أإنّكم» الجمهور (٤) على القراءة بهمزتين : أولاهما للاستفهام ، وهو استفهام تقريع وتوبيخ.
قال الفراء (٥) ـ رحمهالله تعالى ـ : ولم يقل آخر لأن الآلهة جمع ، والجمع يقع
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ١٦٢) عن محمد بن كعب القرظي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٣) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن الضريس وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ ، وينظر : تفسير الرازي ٢ / ١٤٧.
(٣) في ب : الحكم.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٨ ، البحر المحيط ٤ / ٩٦.
(٥) في أ : أبو حيان وينظر النقل عن الفراء في تفسير الرازي ١١ / ١٤٨.