عليه التأنيث ، كقوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الأعراف : ١٨٠] وقوله : (فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى) [طه : ٥١] [ولم يقل الأوّل ، ولا الأوّلين ، وكل ذلك صواب] وقد تقدّم الكلام في قراءات مثل هذا.
قال أبو حيّان (١) : «وبتسهيل الثانية ، وبإدخال ألف بين الهمزة الأولى والهمزة المسهّلة ، روى هذه الأخيرة الأصمعي (٢) عن أبي عمرو ، ونافع» انتهى.
وهذا الكلام يؤذن بأنها قراءة مستغربة ، وليس كذلك ، بل المرويّ عن أبي عمرو ـ رضي الله عنه ـ المدّ بين الهمزتين ، ولم يختلف عن قالون في ذلك.
وقرىء بهمزة واحدة وهي محتملة للاستفهام ، وإنّما حذفت لفهم المعنى ، ودلالة القراءة الشهيرة عليها ، وتحتمل الخبر المحض.
ثم هذه الجملة الاستفهامية ، يحتمل أن تكون منصوبة المحلّ لكونها في حيّز القول ، وهو الظّاهر ، كأنه أمر أن يقول : أيّ شيء أكبر شهادة ، وأن يقول : أإنّكم لتشهدون.
ويحتمل أن تكون داخلة في حيّزه فلا محلّ لها حينئذ ، و «أخرى» صفة ل «آلهة» ؛ لأن ما لا يعقل يعامل جمعه معاملة الواحدة المؤنّثة ، كقوله : (مَآرِبُ أُخْرى) [طه : ١٨] ، و (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الأعراف : ١٨٠] كما تقدّم.
قوله : (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) [يجوز](٣) في «ما» هذه وجهان :
أظهرهما : أنها كافّة ل «إنّ» عن عملها ، و «هو» مبتدأ ، و «إله» خبر ، و «واحد» صفته.
والثاني : أنها موصولة بمعنى «الذي» ، وهو مبتدأ ، و «إله» خبره ، وهذه الجملة صلة وعائد ، والموصول في محلّ نصب اسما ل «إن» ، و «واحد» خبرها.
والتقدير : إنّ الذي هو إله واحد ، ذكره أبو البقاء (٤) ، وهو ضعيف ، ويدلّ على صحّة الوجه الأوّل تعيّنه في قوله تبارك وتعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [النساء : ١٧١] ، إذ لا يجوز فيه أن تكون موصولة لخلوّ الجملة عن ضمير الموصول.
وقال أبو البقاء (٥) في هذا الوجه : وهو أليق مما قبله.
قال شهاب الدّين (٦) : ـ رضي الله عنه ـ : ولا أدري ما وجه ذلك؟
فصل فيما تفيده الآية
اعلم أنّ هذا الكلام دلّ على إيجاب التّوحيد ، والبراءة من الشّرك من ثلاثة أوجه (٧) :
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٩٦.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٩٦ ، الدر المصون ٣ / ٢٨.
(٣) سقط في ب.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٨.
(٥) ينظر المصدر السابق.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٨.
(٧) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ١٤٨.