النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) [البقرة : ٨٠] وقول جهّالهم : (إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) [آل عمران : ١٨١] ونحوه.
الأمر الثاني من أسباب خسارتهم ؛ تكذيبهم بآيات الله تعالى ، وقدحهم في معجزات محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ وإنكارهم كون القرآن العظيم معجزة قاهرة منه ، ثم إنّه لمّا حكى عنهم سبب هذين الأمرين قال : (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ، أي : الكافرون ـ أي لا يظفرون بمطالبهم في الدنيا ولا في الآخرة.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٢٢)
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ).
فيه خمسة أوجه :
أحدها : أنه منصوب بفعل مضمر بعده ، وهو على ظرفيّته ، أي : ويوم نحشرهم كان كيت وكيت ، وحذف ليكون أبلغ في التّخويف.
والثاني : أنه معطوف على ظرف محذوف ، ذلك الظرف معمول لقوله : (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ، والتقدير : أنه لا يفلح الظّالمون اليوم في الدنيا ، ويوم نحشرهم ، قاله محمد ابن جرير(١).
الثالث : أنه منصوب بقوله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا) ، وفيه بعد لبعده من عامله بكثرة الفواصل.
الرابع : أنه مفعول به ب «اذكر» مقدّرا.
الخامس : أنه مفعول به أيضا ، وناصبه : احذروا أو اتّقوا يوم نحشرهم ، كقوله : (وَاخْشَوْا يَوْماً) [لقمان : ٣٣] وهو كالذي قبله فلا يعدّ خامسا.
وقرأ (٢) الجمهور «نحشرهم» بنون العظمة ، وكذا «ثم نقول» ، وقرأ (٣) حميد ، ويعقوب بياء الغيبة فيهما ، وهو أنه تبارك وتعالى.
والجمهور (٤) على ضم الشين من «نحشرهم» ، وأبو هريرة بكسرها (٥) ، وهما لغتان في المضارع.
والضمير المنصوب في «نحشرهم» يعود على المفترين الكذب.
__________________
(١) ينظر : تفسير الطبري ٥ / ٢٧٧.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٩ ، البحر المحيط ٤ / ٩٨.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٩٨ ، الدر المصون ٣ / ٢٩ ، الشواذ ص (٣٨) ، النشر ٢ / ٢٥٧.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٩.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٩٨ ، الدر المصون ٣ / ٢٩.