وقيل : على النّاس كلهم ، فيندرج هؤلاء فيهم ، والتّوبيخ مختصّ بهم.
وقيل : يعود على المشركين وأصنامهم ، ويدلّ عليه قوله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) [الصافات : ٢٢].
و «جميعا» حال من مفعول «نحشرهم» ، ويجوز أن يكون توكيدا عند من أثبته من النحويين ك «أجمعين».
وعطف هنا ب «ثمّ» للتراخي الحاصل بين الحشر والقول.
ومفعولا «تزعمون» محذوفان للعلم بهما ، أي : تزعمونهم شركاء ، أو تزعمون أنهما شفعاؤكم.
وقوله : (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ) إن جعلنا الضمير في «نحشرهم» عائدا على المفترين الكذب ، كان ذلك من باب إقامة الظّاهر مقام المضمر ، إذ الأصل : ثم نقول لهم ، وإنما أظهر تنبيها على قبح الشرك.
وقوله : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ؟) سؤال تقريع وتوبيخ وتبكيت.
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : «كلّ زعم في كتاب الله فالمراد به الكذب» (١).
قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٢٤)
قرأ حمزة (٢) والكسائي : «يكن» بالياء من تحت ، «فتنتهم» نصبا.
وابن كثير ، وابن عامر ، وحفص (٣) عن عاصم : «تكن» بالتاء من فوق ، «فتنتهم» رفعا.
والباقون بالتاء (٤) من فوق أيضا ، «فتنتهم» نصبا.
فأمّا قراءة الأخوين فهي أفصح هذه القراءات لإجرائها على القواعد من غير تأويل (٥) ، ووجهها أنّ «فتنتهم» خبر مقدّم ، وإن قالوا بتأويل اسم مؤخر.
والتقدير : «ثم لم تكن فتنتهم إلّا قولهم». وإنما كانت أفصح ؛ لأنه إذا اجتمع اسمان :
أحدهما أعرف ، فالأحسن جعله اسما محدّثا عنه ، والآخر خبرا حديثا عنه.
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٢٥٨.
(٢) ينظر : حجة القراءات ص (٢٤٣) ، الشواذ ص (٣٦) ، السبعة ص (٥٤) النشر ٢ / ٢٥٧ ، البحر المحيط ٤ / ٩٩ ، الدر المصون ٣ / ٣٠.
(٣) ينظر : حجة القراءات ص (٢٤٣) ، الدر المصون ٣ / ٣٠.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٩٩ ، الدر المصون ٣ / ٣٠.
(٥) في ب : تنوين.