وقال آخر : [الرجز]
٢٤٦٨ ـ قد عجبت منّي ومن يعيليا |
|
لمّا رأتني خلقا مقلوليا (١) |
وهذا الحكم ليس مختصا بصيغة مفاعل ، بل كلّ غير منصرف إذا كان منقوصا ، فحكمه ما تقدّم نحو : يعيل تصغير يعلى ويرم اسم رجل ، وعليه قوله : «ومن يعيليا» ، وبعض العرب يعرب «غواش» ونحوه بالحركات على الحرف الذي قبل الياء المحذوفة ، فيقول : هؤلاء جوار.
وقرىء (٢) : «ومن فوقهم غواش» برفع الشين ، وهي كقراءة عبد الله : (وَلَهُ الْجَوارِ) [الرحمن : ٢٤] برفع الراء.
فإن قيل : «غواش» على وزن فواعل ؛ فيكون غير منصرف فكيف دخله التنوين؟.
فالجواب : على مذهب الخليل وسيبويه أنّ هذا جمع ، والجمع أثقل من الواحد ، وهو أيضا الجمع الأكبر الذي تتناهى الجموع إليه ، فزاده ذلك ثقلا ، ثم وقعت الياء في آخره وهي ثقيلة ، فلمّا اجتمعت فيه هذه الأشياء خفّفوه بحذف الياء ، فلّما حذفوا الياء نقص عن مثال «فواعل» فصار غواش بوزن جناح ، فدخله التّنوين لنقصانه عن هذا المثال (٣).
قال المفسّرون : معنى الآية : الإخبار عن إحاطة النّار بهم من كل جانب.
قوله : «وكذلك» تقدم مثله [الأعراف : ٤٠].
وقوله : «والظّالمين» يحتمل أن يكون من باب وقوع الظّاهر موقع المضمر ، والمراد ب «الظّالمين» المجرمون ، ويحتمل أن يكونوا غيرهم ، وأنّهم يجزون كجزائهم.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٤٢)
لمّا ذكر الوعيد أتبعه بذكر الوعد ، فقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ ، وفي خبره وجهان :
أحدهما : أنه الجملة من قوله : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً) ، وعلى هذا فلا بدّ من عائد وهو مقدّر ، وتقديره : نفسا منهم.
والثاني : هو الجملة من قوله : (أُولئِكَ أَصْحابُ) ، وتكون هذه الجملة المنفيّة
__________________
(١) البيت للفرزدق ينظر : الكتاب ٣ / ٣١٥ ، الخصائص ١ / ٦ الهمع ١ / ٣٦ ، الأشموني ٣ / ٣٧٣ ، التصريح ٢ / ٢٢٨ ، المقتضب ١ / ٢٨٠ ، الدر المصون ٣ / ٢٧١ ، المنصف ٢ / ٦٨ ـ ٧٩ العيني ٤ / ٣٥٩ اللسان (علا ـ قلا).
(٢) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٠٠ ، والدر المصون ٣ / ٢٧١.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ٦٤ ـ ٦٥.