أنّ المؤذن أوقع ذلك الأذان بينهم أي في وسطهم.
وعلى الثّاني التّقدير : أنّ مؤذّنا من بينهم أذّن بذلك الأذان ، والأول أولى.
وأن يكون متعلّقا بمحذوف على أنّه صفة ل «مؤذّن» قال مكيّ (١) ـ عند إجازته هذا الوجه ـ : «ولكن لا يعمل في «أن» «مؤذّن» إذ قد نعته» يعني أنّ قوله : (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ) لا يجوز أن يكون معمولا ل «مؤذّن» ؛ لأنّه موصوف واسم الفاعل متى وصف لم يعمل.
قال شهاب الدّين (٢) : «وهذا يوهم أنّا إذا لم نجعل «بينهم» نعتا ل «مؤذّن» جاز أن يعمل في «أن» ، وليس الأمر كذلك ؛ لأنّك لو قلت : ضرب ضارب [زيدا تنصب زيدا ب «ضرب» لا ب «ضارب»].
لكني قد رأيت الواحدي أجاز ما أجاز مكيّ من كون «مؤذّن» عاملا في «أن» ، وإذا وصفته امتنع ذلك ، وفيه ما تقدّم وهو حسن.
قوله : (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) «أن» يجوز أن تكون المفسّرة ، وأن تكون المخففة ، والجملة الاسميّة بعدها الخبر ، فلا حاجة هنا لفاصل.
وقرأ الأخوان (٣) ، وابن عامر ، والبزّي : «أنّ» بفتح الهمزة وتشديد النون ، ونصب «اللّعنة» على أنّها اسمها ، و «على الظالمين» خبرها ، وكذلك في [النور ٧] (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ) خفّف «أن» ورفع اللّعنة نافع وحده ، والباقون بالتشديد والنّصب.
[قال الواحديّ : من شدّد فهو الأصل ، ومن خفّف فهو مخففة من التشديد على إرادة إضمار القصّة والحديث تقديره : أنه لعنة الله ، ومثله قوله تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) [يونس : ١٠] التقدير : أنّه ، ولا يخفف «أن» هذه إلا وتكون بعد إضمار الحديث والشأن].
وقرأ (٤) عصمة عن الأعمش : «إنّ» بالكسر والتشديد ، وذلك : إمّا على إضمار القول عند البصريين ، وإمّا على إجراء النّداء مجرى القول عند الكوفيّين.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ)(٤٥)
قوله : «الّذين» يجوز أن يكون مرفوع المحل ومنصوبه على القطع فيهما ، ومجروره على النّعت ، أو البدل ، أو عطف البيان.
__________________
(١) ينظر : المشكل ١ / ٣١٧.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٧٣.
(٣) ينظر : السبعة ٢٨١ ، ٢٨٢ ، والحجة ٤ / ٢١ ، ٢٢ ، وحجة القراءات ٢٨٣ ، وإعراب القراءات ١ / ١٨٢ ، والعنوان ٩٥ ، وشرح شعلة ٣٨٩ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٩٧ ، وإتحاف ٢ / ٤٩.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٠٣ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٠٣ ، والدر المصون ٣ / ٢٧٣ ، والتخريجات النحوية ٧٩.