الوجه لم يبق لهذا الاختصاص فائدة ؛ لأنّها أمور محسوسة ، فلا يختص بمعرفتها شخص دون شخص.
قوله : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ).
والمعنى : أنّهم إذا نظروا إلى أهل الجنّة سلّموا على أهلها والضمير في «نادوا» وما بعده لرجال.
وقوله : (أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) كقوله : (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [الأعراف : ٤٤] إلا أنّه لم يقرأ هنا إلّا ب «أن» الخفيفة فقط.
فصل في معنى السلام في الآية
والمعنى : يقولون لهم : سلام عليكم ، وقيل : سلمتم من العقوبة ، وقوله : «وهم يطمعون» على هذا التأويل يعني وهم يعلمون أنّهم يدخلوها ، وذلك معروف في اللّغة أن يكون طمع بمعنى علم ، ذكره النّحّاس ، وهذا قول ابن عباس وابن مسعود وغيرهم أنّ المراد أصحاب الأعراف (١).
قال القرطبيّ (٢) : قوله : «لم يدخلوها» في هذه الجملة أوجه :
أحدها : أنّها حال من فاعل «نادوا» أي : نادى أهل الأعراف حال كونهم غير داخلين الجنّة.
وقوله : (وَهُمْ يَطْمَعُونَ) يحتمل أن يكون حالا من فاعل «يدخلوها» ، ثم لك اعتباران بعد ذلك.
الأول : أن يكون المعنى لم يدخلوها طامعين في دخولها بل دخلوها على يأس من دخولها.
والثاني : المعنى لم يدخلوها حال كونهم طامعين ، أي : لم يدخلوها بعد ، وهم في وقت عدم الدّخول طامعون ، ويحتمل أن يكون مستأنفا أخبر عنهم بأنّهم طامعون في الدّخول.
الوجه الثاني : أن تكون حالا من مفعول «نادوا» أي : نادوهم حال كونهم غير داخلين ، وقوله : (وَهُمْ يَطْمَعُونَ) على ما تقدم آنفا.
والوجه الثالث : أن تكون في محل رفع صفة ل «رجال» ، قاله الزمخشريّ (٣) وفيه ضعف من حيث إنّه فصل فيه بين الموصوف وصفته بجملة قوله : «ونادوا» ، وليست جملة اعتراض.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٥٠٣).
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٧ / ١٣٧).
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٨.