٣٥] فهذا من كلام الملأ ، (فَما ذا تَأْمُرُونَ)؟ فهذا من فرعون أي : فقال : فماذا تأمرون؟ أي فيقولون : ادخلوا الجنة.
وقرأ الحسن ، وابن سيرين (١) : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) أمرا من «أدخل» وفيها تأويلان :
أحدهما : أنّ المأمور بالإدخال الملائكة ، أي : أدخلوا يا ملائكة هؤلاء ، ثمّ خاطب البشر بعد خطاب الملائكة ، فقال : لا خوف عليكم ، وتكون الجملة من قوله : «لا خوف» لا محلّ لها من الإعراب لاستئنافها.
والثاني : أنّ المأمور بذلك هم أهل الأعراف ، والتقدير : أدخلوا أنفسكم ، فحذف المفعول في الوجهين.
ومثل هذه القراءة هنا قوله تعالى : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) [غافر : ٤٦] وستأتي إن شاء الله تعالى ، إلّا أنّ المفعول هناك مصرّح به في إحدى القراءتين.
والجملة من قوله : «لا خوف» على هذا في محلّ نصب على الحال أي : أدخلوا أنفسكم غير خائفين.
وقرأ عكرمة (٢) «دخلوا» ماضيا مبنيّا للفاعل.
وطلحة وابن وثاب (٣) والنّخعيّ : «أدخلوا» من أدخل ماضيا مبنيا للمفعول على الإخبار ، وعلى هاتين ، فالجملة المنفيّة في محل نصب بقول مقدّر ، وذلك القول منصوب على الحال ، أي : مقولا لهم : لا خوف.
فصل
قال الكلبيّ : ينادونهم وهم على السور : يا وليد بن المغيرة ، يا أبا جهل بن هشام ، يا فلان ، يا فلان ، ثم ينظرون إلى الجنّة فيرون فيها الفقراء والضّعفاء ممن كانوا يستهزءون بهم مثل سلمان ، وصهيب ، وخباب ، وبلال ، وأمثالهم ، فيقول أصحاب الأعراف لأولئك الكفار : «أهؤلاء» ـ يعني هؤلاء الصغار ـ (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) حلفتم (لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) أي : حلفتم أنّهم لا يدخلون الجنّة ، ثم يقال لأهل الأعراف : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ).
وقيل : إنّ أصحاب الأعراف إذا قالوا لأهل النّار ما قالوا ، قال لهم أهل النّار : إن أدخل أولئك الجنّة فأنتم لم تدخلوها فيعيرونهم بذلك ، ويقسمون أنّهم يدخلون النّار ، فتقول الملائكة الذين حبسوا أصحاب الأعراف على الصّراط لأهل النار : «هؤلاء» ـ يعني
__________________
(١) وقرأ بها ابن هرمز كما في المحرر الوجيز ٢ / ٤٠٦ ، وينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٠٦ ، والدر المصون ٣ / ٢٧٦.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٠٦ ، البحر المحيط ٤ / ٣٠٦ ، الدر المصون ٣ / ٢٧٦.
(٣) ينظر : المصدر السابق.