وقال الزّمخشريّ (١) هاهنا : والتّأويل مادته من همزة وواو ولام ، من «آل يؤول».
وقال الخطابي : أوّلت الشيء رددته إلى أوله ، واللفظة مأخوذة من الأول ، وهو خطأ ؛ لاختلاف المادتين والتأويل مرجع الشّيء ومصيره من قولهم : آل الشّيء يئول.
واحتجّ بهذه الآية من ذهب إلى أنّ قوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) [آل عمران : ٧] أي : [و] ما يعلم عاقبة الأمر فيه إلا الله.
فصل في معنى «ينظرون»
لمّا بيّن إزاحة العلّة بسبب إنزال هذا الكتاب المفصّل الموجب للهداية والرّحمة بيّن بعده حال من كذّب فقال : «هل ينظرون إلّا تأويله» ، والمعنى : هل ينتظرون أي يتوقّعون إلّا جزاءه ، قاله مجاهد.
وقال السّدّيّ : «عاقبته ، وما يؤول إليه» (٢).
فإن قيل : كيف يتوقعون وينتظرون مع جحدهم وإنكارهم؟
فالجواب : لعلّ فيهم أقواما تشككوا وتوقّفوا ، فلهذا السّبب انتظروه ، وأنهم وإن كانوا جاحدين إلّا أنّهم بمنزلة المنتظرين من حيث إن تلك الأحوال تأتيهم لا محالة (٣).
قوله : «يوم» منصوب ب «يقول».
وقوله : (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ).
معناه : أنّهم صاروا في الإعراض عنه بمنزلة من نسي ، ويجوز أن يكون معنى نسوه أي : تركوا العمل والإيمان به كما تقدّم.
قوله : «قد جاءت» منصوبة بالقول و «بالحقّ» يجوز أن تكون «الباء» للحال ، وأن تكون للتعدية أي : جاءوا ملتبسين بالحق ، أو جاءوا الحقّ.
والمعنى : أقرّوا بأنّ الذي جاءت الرّسل به من ثبوت الحشر ، والنّشر ، والبعث والقيامة ، والثواب ، والعقاب ، كل ذلك كان حقّا ؛ لأنهم شاهدوها وعاينوها.
قوله : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ) «من» مزيدة في المبتدأ و «لنا» خبر مقدّم ، ويجوز أن يكون «من شفعاء» فاعلا و «من» مزيدة أيضا ، وهذا جائز عند كل أحد لاعتماد الجار على الاستفهام.
قوله : «فيشفعوا» منصوب بإضمار «أن» في جواب الاستفهام فيكون قد عطف اسما
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٩.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٥١١ ـ ٥١٢) عن قتادة والسدي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٦٧) وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ٧٨.