وكذلك الأسداس وهذا الإبدال لازم ، ويدلّ عليه أيضا قولهم : جاء فلان سادسا وسدسا وساديا بالياء مثناة من أسفل قال [الشاعر] : [الطويل]
٢٤٨٠ ـ .......... |
|
وتعتدّني إن لم يق الله ساديا (١) |
أي «سادسا» فأبدلها.
فصل
قوله : (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) الظّاهر : أنّه ظرف ل (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) معا ، واستشكل على ذلك أنّ اليوم إنّما هو بطلوع الشّمس وغروبها ، وذلك إنّما هو بعد وجود السّموات والأرض ، وأجابوا عنه بأجوبة منها :
أنّ السّتّة ظرف لخلق الأرض فقط ، فعلى هذا يكون قوله : (خَلَقَ السَّماواتِ) مطلقا لم يقيّد بمدّة ، ويكون قوله : «والأرض» مفعولا بفعل مقدّر أي ؛ وخلق الأرض ، وهذا الفعل مقيّد بمدّة ستّة أيّام ، وهذا قول ضعيف جدّا.
وقيل : في مقدار ستّة أيّام من أيّام الدّنيا ، ونظيره : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم : ٦٢].
والمراد : على مقدار البكرة والعشيّ في الدّنيا ؛ لأنّه لا ليل ثمّ ولا نهار.
وقيل : ستّة أيّام كأيّام الآخرة ، كلّ يوم كألف سنة.
قال سعيد بن جبير : كان الله ـ عزوجل ـ قادرا على خلق السّموات والأرض في لمحة ولحظة ، فخلقهنّ في ستّة أيّام تعليما لخلقه التّثبّت ، والتّأنّي في الأمور ، وقد جاء في الحديث : «التّأنّي من الله والعجلة من الشّيطان».
قال القرطبيّ (٢) : وأيضا لتظهر قدرته للملائكة شيئا بعد شيء وهذا عند من يقول : خلق الملائكة قبل خلق السّموات والأرض ، وحكمة أخرى خلقها في ستّة أيّام ، لأنّ لكلّ شيء عنده أجلا (٣) ، وبين بهذا ترك معاجلة العصاة بالعقاب ؛ لأنّ لكلّ شيء عنده أجلا وهذا كقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) بعد أن قال : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً) [ق : ٣٦ ـ ٣٨].
فصل في بيان أسئلة واردة على الآية
في الآية سؤالات :
الأول : كون هذه الأشياء مخلوقة في ستّة أيّام لا يمكن جعله دليلا على إثبات الصّانع لوجوه (٤).
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٤٠.
(٣) في أ : إخلاصا.
(٤) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ٨١.