٢٤٨٦ ـ تدلّى حثيثا كأنّ الصّوا |
|
ر يتبعه أزرقيّ لحم (١) |
فهذا يحتمل أن يكون نعت مصدر محذوف ، وأن يكون حالا أي : تولى تولّيا حثيثا ، أو تولّى في هذه الحال.
فصل في معنى «الإغشاء»
قال الواحديّ (٢) : «الإغشاء والتّغشية : إلباس الشيء بالشّيء ، وقد جاء التّنزيل بالتّشديد والتّخفيف ، فمن التّشديد قوله تعالى : (فَغَشَّاها ما غَشَّى) [النجم : ٥٤] ومن اللّغة الثانية : (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) [يس : ٩] والمفعول الثاني محذوف ، أي فأغشيناهم العمى وفقد الرؤية ، ومعنى الآية أي : يأتي اللّيل على النّهار فيغطيه ، وفيه حذف أي: ويغشي النّهار اللّيل ، ولم يذكر لدلالة الكلام عليه ، وذكر في آية أخرى : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) [الزمر : ٥].
«يطلبه حثيثا» أي : سريعا ، وذلك أنّه إذا كان يعقب أحدهما الآخر ويخلفه فكان يطلبه.
قال القفّال (٣) ـ رحمهالله تعالى ـ : إنّه تعالى لمّا أخبر عباده باستوائه على العرش ، وأخبر عن استمرار أصعب المخلوقات على وفق مشيئته ، أراهم ذلك عيانا فيما يشاهدونه منها ؛ ليضمّ العيان إلى الخبر ، وتزول الشّبهة عن كلّ الجهات فقال : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ ؛) لأنّه تعالى أخبر في هذا الكتاب الكريم بما في تعاقبهما من المنافع العظيمة يتم أمر الحياة ، وتكمل المنفعة والمصلحة.
قوله : «والشّمس» قرأ ابن (٤) عامر هنا وفي «النحل» [١٢] برفع الشمس ، وما عطف عليها ، ورفع «مسخّرات» ، ووافقه حفص عن عاصم في النّحل خاصة على رفع «والنّجوم مسخّرات» ، والباقون بالنّصب في الموضعين. وقرأ أبان (٥) بن تغلب هنا برفع «النّجوم» وما بعده.
فأمّا قراءة ابن عامر فعلى الابتداء والخبر ، جعلها جملة مستقلّة بالإخبار بأنّها مسخّرات لنا من الله ـ تعالى ـ لمنافعنا.
وأمّا قراءة الجماعة ، فالنّصب في هذه السّورة على عطفها على «السّموات» أي : وخلق الشّمس ، فتكون «مسخّرات» على هذا حالا من هذه المفاعيل ، ويجوز أن تكون
__________________
(١) البيت للأعشى ينظر : ديوانه ٩١ ، التهذيب ٣ / ٤٢٧ ، (حث) ، اللسان (حثث) ، الدر المصون ٣ / ٢٨١.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ٩٦.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ٩٦.
(٤) ينظر : السبعة ٢٨٢ ، والحجة ٤ / ٢٨ ، وحجة القراءات ٢٨٤ ، والعنوان ٩٥ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٩٧ ، وإعراب القراءات ١ / ١٨٦ ، وشرح شعلة ٣٩٠ ، وإتحاف ٢ / ٥١.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٠٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٣١١ ، والدر المصون ٣ / ٢٨١.