هذه [منصوبة](١) ب «جعل» مقدّرا فتكون هذه المنصوبات مفعولا أوّلا ، و «مسخّرات» مفعولا ثانيا.
وأمّا قراءة حفص في النّحل ، فإنّه إنّما رفع هنا ؛ لأنّ النّاصب هناك «سخّر» وهو قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) فلو نصب «النّجوم» و «مسخّرات» لصار اللفظ : سخّرها مسخّرات ، فيلزم التّأكيد ، فلذلك قطعهما على الأوّل ورفعهما جملة مستقلّة. والجمهور يخرّجونها على الحال المؤكدة ، وهو مستفيض في كلامهم ، أو على إضمار فعل قبل «والنّجوم» أي : وجعل النّجوم مسخّرات ، أو يكون «مسخّرات» جمع مسخّر المراد به المصدر ، وجمع باعتبار أنواعه كأنّه قيل : وسخّر لكم اللّيل ، والنّهار ، والشّمس ، والقمر ، والنجوم تسخيرات أي أنواعا من التّسخير.
قوله : «بأمره» متعلق ب «مسخّرات» [أي] : بتيسيره وإرادته لها في ذلك ، ويجوز أن تكون «الباء» للحال أي : مصاحبة لأمره غير خارجة عنه في تسخيرها ، ومعنى مسخّرات أي : منزلات بأمره.
فصل في بيان حركة الشمس
قال ابن الخطيب : إن الشّمس لها نوعان من الحركة :
أحدهما : حركتها بحسب ذاتها ، وهي إنما تتم في سنة كاملة وبسبب هذه الحركة تحصل السّنة.
والنوع الثاني : حركتها بحسب حركة الفلك الأعظم ، وهذه الحركة تتمّ في اليوم بليلته.
وإذا عرف هذا فنقول : اللّيل والنّهار لا يحصل بحركة الشّمس ، وإنّما يحصل بسبب حركة السّماء الأقصى التي يقال لها : العرش ، فلهذا السبب لمّا ذكر العرش بقوله : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ربط به قوله : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) تنبيها على أنّ سبب حصول اللّيل والنّهار هو حركة الفلك الأقصى ، لا حركة الشمس والقمر ، وهذه دقيقة (٢) عجيبة.
قوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ).
يجوز أن يكون مصدرا على بابه ، وأن يكون واقعا موقع المفعول به.
«له الخلق» ؛ لأنّه خلقهم ، و «الأمر» : يأمر في خلقه بما يشاء قال سفيان بن عيينة: فرّق الله بين الخلق والأمر ، فمن جمع بينهما فقد كفر.
(تَبارَكَ اللهُ) أي : تعالى الله وتعظم.
وقيل : ارتفع ، والمبارك : المرتفع.
__________________
(١) سقط من أ.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ٩٧.