وقيل : لأنّه مرّ بكلب مجذوم فقال : اخسأ يا قبيح يا كلب ، فأوحى الله إليه : أعبتني أم عبت الكلب.
قال ابن عباس : «معنى أرسلنا : بعثنا» (١).
وقال آخرون : معنى الإرسال أنّه تعالى حمّله رسالة يؤدّيها ، فالرّسالة على هذا التّقدير تكون متضمّنة للبعث ، فيكون البعث كالتّابع لا أنّه الأصل.
قوله : «فقال يا قوم اعبدوا الله» جيء هنا بفاء العطف في قوله : «فقال» ، وكذا في المؤمنين وفي قصّة هود وصالح وشعيب هنا بغير فاء ، والأصل الفاء ، وإنّما حذفت تخفيفا ، وتوسعا [و] اكتفاء بالرّبط المعنويّ ، وكانت اللواتي بعدها بالحذف أولى. وأما في هود فيقدّر قبل قوله : «إنّي لكم» : «فقال» بالفاء على الأصل.
وجاء هنا : «ما لكم من إله غيره» فلم يعطف هذه الجملة المنفيّة بفاء ولا غيرها ، لأنّها مبينة ومثبتة على اختصاص الله ـ تعالى ـ بالعبادة ورفض ما سواه ، فكانت في غاية الاتّصال فقال : يا قوم اعبدوا الله.
فصل في بيان نسب «نوح»
قال ابن العربيّ : ومن قال : إن إدريس كان قبل نوح فقد وهم ، بدليل حديث الإسراء الصّحيح ، حين لقي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم آدم وإدريس ، فقال له آدم : مرحبا بالنّبيّ الصالح والابن الصالح ، وقال له إدريس : مرحبا بالنّبيّ الصّالح ، والأخ الصّالح فلما قال له : «والأخ الصالح» دلّ على أنّه يجمع معه في نوح.
قال القاضي عياض : جواب الآباء هاهنا كنوح ، وإبراهيم وآدم : مرحبا بالابن الصالح ، وقال عن إدريس : بالأخ الصالح كما ذكر عن موسى وعيسى ، ويوسف [وهارون ويحيى ممّن ليس بأب للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم باتّفاق (٢)](٣).
فصل في بيان أجناس البشر
قال القرطبيّ : ذكر النّقّاش عن سليمان بن أرقم عن الزهري أنّ العرب ، وفارس والرّوم ، وأهل الشّام واليمن من ولد سام بن نوح ، والهند والسّند والزّنج ، والحبشة والزّطّ والنّوبة وكل جلد أسود من ولد حام ، والترك ، والبربر ووراء النهر والصين ، ويأجوج ومأجوج والصّقالبة من ولد يافث بن نوح ، والخلق كلهم ذرية نوح ـ عليه الصّلاة والسّلام (٤) ـ.
__________________
(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٤ / ١٢١) عن ابن عباس.
(٢) سقط من أ.
(٣) ينظر تفسير القرطبي ٧ / ١٤٨.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٤٩.