وقال بعضهم : «عم» فيه دلالة على ثبوت الصّفة واستقرارها [كفرح] وضيّق ، ولو أريد الحدوث لقيل : عام كما يقال : فارح وضائق.
وقال الزّمخشريّ (١) : قريء «قوما عامين».
قوله تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩) قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(٧١)
قوله «أخاهم» نصب ب «أرسلنا» الأولى ، كأنه قيل : لقد أرسلنا نوحا ، وأرسلنا إلى عاد أخاهم ، وكذلك ما يأتي من قوله : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ) [الأعراف : ٧٣] ، (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) [الأعراف : ٨٥] (وَلُوطاً) [الأعراف : ٨٥] ، ويكون ما بعد «أخاهم» بدلا أو عطف [بيان]. وأجاز مكيّ (٢) أن يكون النّصب بإضمار «اذكر» وليس بشيء لأنّ المعنى على ما ذكرنا مع عدم الاحتياج إليه.
و «عاد» اسم للحيّ ، ولذلك صرفه ، ومنهم من جعله اسما للقبيلة ولذلك [منعه] قال: [الرجز]
٢٥٠٠ ـ لو شهد عاد في زمان عاد |
|
لابتزّها مبارك الجلاد (٣) |
وعاد في الأصل اسم الأب الكبير ، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح فسمّيت به القبيلة ، أو الحيّ.
وقيل : عاد بن أرم بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح وهود بن عبد الله بن رباح بن الجارود ابن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، وهي عاد الأولى ، وكذلك ما أشبهه من نحو «ثمود» إن جعلته اسما لمذكّر صرفته ، وإن جعلته اسما لمؤنث منعته ، وقد بوّب له سيبويه بابا(٤).
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ١١٥.
(٢) ينظر : المشكل ١ / ٣٢٣.
(٣) البيت ينظر : الكتاب ٣ / ٢٥١ ، البحر المحيط ٤ / ٣٢٦ الإنصاف ٢ / ٥٠٤ ، الدر المصون ٣ / ٢٩٠ المخصص ١٧ ـ ٤٢ والبيت من الخمسين في الكتاب وشاهده : ترك صرف «عاد» الأولى لجعله إياها اسما للقبيلة ؛ وقد سكّن الهاء في قوله «شهد» تخفيفا ، وأصلها الكسر.
(٤) ينظر : الكتاب ٢ / ٢٦.