قوله تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ)(٧٢)
قوله : (فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) لأنهم استحقوا الرحمة بسبب إيمانهم و (وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي : استأصلناهم ، وأهلكناهم عن آخرهم وما كانوا مؤمنين ، فإن قيل : لما أخبر عنهم بأنّهم كانوا مكذبين لزم القطع بأنّهم كانوا غير مؤمنين فما الفائدة في قوله بعد ذلك : (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ).
فالجواب : أن معناه أنّهم مكذبون في علم الله منهم أنّهم لو بقوا لم يؤمنوا أيضا ، فلو علم أنّهم سيؤمنون لأبقاهم.
قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٧٣)
ثمود : اسم رجل ، وهو ثمود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح ، وهو أخو جديس ، فثمود وجديس أخوان ، ثم سمّيت به هذه القبيلة.
قال أبو عمرو بن العلاء (١) : سميت ثمود لقلّة مائها ، والثّمد : الماء القليل : [قال النابغة: [البسيط]
٢٥٠٢ ـ أحكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت |
|
إلى حمام شراع وارد الثّمد (٢)](٣) |
وكانت مساكنهم «الحجر» بين «الحجاز» و «الشّام» إلى «واد القرى» ، والأكثر منعه الصرف اعتبارا بما ذكرناه أوّلا ، ومن جعله اسما للحيّ صرفه ، وهي قراءة الأعمش ، ويحيى بن وثّاب في جميع القرآن ، وقد ورد القرآن بهما صريحا.
قال تعالى : (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) [هود : ٦٨].
وسيأتي الخلاف من القرّاء السّبعة في سورة «هود» وغيرها.
وصالح : اسم عربيّ ، وهو صالح بن آسف.
وقيل : ابن عبيد بن آسف بن كاشح بن أروم بن ثمود [ابن جاثر].
«قال : يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره» أمرهم بعبادة الله ، ونهاهم عن عبادة غير الله ، كما ذكره عمن قبله من الأنبياء.
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ١٤ / ١٣١.
(٢) ينظر : ديوانه ٢٣ ، الكتاب ١ / ١٦٨ ، شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٣ ، الحيوان ٣ / ٢٢١ الدرر ١ / ٢١٧ ، ٢ / ٢٠٦ ، لسان العرب (حكم) ، (حمم) أدب الكاتب ٢٥ ، شرح التصريح ١ / ٢٢٥ ، البحر المحيط ٤ ؛ ٣٣٠ ، الدر المصون ٣ / ٢٠٢.
(٣) سقط من أ.