أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)(٧٩)
قوله : «قال الملأ» قرأ ابن عامر (١) وحده «وقال» بواو عطف نسقا لهذه الجملة على ما قبلها ، وموافقة لمصاحف الشّام ، فإنها مرسومة فيها ، والباقون بحذفها : إما اكتفاء بالربط المعنوي ، وإمّا لأنّه جواب لسؤال مقدّر كما تقدّم ، وهذا موافقة لمصاحفهم ، وهذا كما تقدّم في قوله : (وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ) إلا أنّه هو الذي حذف الواو هناك.
قوله : (الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا).
السين في «استكبروا» و «استضعفوا» يجوز أن تكون على بابها من الطلب ، أي : طلبوا ـ أولئك ـ الكبر من أنفسهم ومن المؤمنين الضعف.
ويجوز أن يكون «استفعل» بمعنى : فعل [كعجب] واستعجب.
واللّام في (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) للتبليغ ، ويضعف أن تكون للعلّة ، والمراد بالذين استكبروا الرّؤساء ، وبالذين استضعفوا المساكين.
قوله : (لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) بدل من (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) بإعادة العامل ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنّه بدل كلّ من كلّ ، إن عاد الضّمير في «منهم» على قومه ، ويكون المستضعفون مؤمنين فقط ، كأنّه قيل : قال المستكبرون للمؤمنين من قوم صالح.
والثاني : بدل بعض من كلّ ، إن عاد الضّمير على المستضعفين ، ويكون المستضعفون ضربين : مؤمنين وكافرين ، كأنّه قيل : قال المستكبرون للمؤمنين من الضّعفاء دون الكافرين من الضّعفاء.
وقوله : «أتعلمون» في محل نصب بالقول.
و «من رّبّه» متعلق ب «مرسل» ، و «من» لابتداء الغاية مجازا ، ويجوز أن تكون صفة فتتعلق بمحذوف.
واعلم أنّ المستكبرين لمّا سألوا المستضعفين عن حال صالح وما جاء به ، فأجاب المستضعفون بقولهم : إنّا بما أرسل به صالح مؤمنون ، أي : مصدّقون ، فقال المستكبرون : بل نحن كافرون بما آمنتم به ، أي : بالذي جاء به صالح.
قوله : «إنّما بما أرسل به» متعلق ب «مؤمنون» قدّم للاختصاص والاهتمام وللفاصلة.
قوله : «قال الذي» «ما» موصولة ، ولا يجوز هنا حذف العائد وإن اتحد الجار
__________________
(١) ينظر : السبعة ٢٨٤ ، والحجة ٤ / ٥١ ، ٥٢ ، وإعراب القراءات ١ / ١٩٣ ، وحجة القراءات ٢٨٧ ، وشرح شعلة ٣٩٢ ، والعنوان ٩٦ ، وإتحاف ٢ / ٥٤.