وثالثها : أنّ يوم القيامة يوم طويل وموافقها كثيرة فأخبر عن بعض الأوقات بحصول السّؤال ، وعن بعضها بعدم السّؤال ، وهذه الآية تدلّ على أنّه تعالى يحاسب كلّ عباده المرسلين والمرسل إليهم ، ويبطل قول من زعم أنّه لا حساب على الأنبياء والكفار.
قوله تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٨)
الوزن مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :
أحدهما : هو الظّرف أي : الوزن كائن أو مستقرّ يومئذ أي : يوم إذ يسأل الرّسل والمرسل إليهم. فحذف الجملة المضاف إليها «إذ» وعوّض منها التّنوين ، هذا مذهب الجمهور خلافا للأخفش. وفي «الحقّ» على هذا الوجه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه نعت للوزن أي : الوزن الحق في ذلك اليوم.
الثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف كأنّه جواب سؤال مقدّر من قائل يقول : ما ذلك الوزن؟ فقيل : هو الحقّ لا الباطل.
الثالث : أنه بدل من الضّمير المستكن في الظّرف وهو غريب ذكره مكيّ.
والثاني : من وجهي الخبر أن يكون الخبر «الحق» ، و «يومئذ» على هذا فيه وجهان :
أحدهما : أنّه منصوب على الظّرف ناصبه «الوزن» أي : يقع الوزن ذلك اليوم.
والثاني : أنّه خبر مبتدأ محذوف كأنّه جواب سؤال مقدّر من قائل يقول : ما ذلك الوزن؟ فقيل : هو الحقّ لا الباطل.
الثالث : أنه بدل من الضّمير المستكن في الظّرف وهو غريب ذكره مكيّ.
والثاني : من وجهي الخبر أن يكون الخبر «الحق» ، و «يومئذ» على هذا فيه وجهان :
أحدهما : أنّه منصوب على الظّرف ناصبه «الوزن» أي : يقع الوزن ذلك اليوم.
والثاني : أنّه مفعول به على السّعة وهذا الثاني ضعيف جدّا لا حاجة إليه.
ولمّا ذكر أبو البقاء (١) كون «الحق» خبرا ، وجعل «يومئذ» ظرفا للوزن قال : «ولا يجوز على هذا أن يكون صفة ، لئلا يلزم الفصل بين الموصول وصلته».
قال شهاب الدّين (٢) : وأين الفصل؟ فإن التركيب القرآنيّ إنما جاء فيه «الحق» بعد تمام الموصول بصلته ، وإذا تمّ الموصول بصلته جاز أن يوصف. تقول : «ضربك زيدا يوم الجمعة الشديد حسن».
فالشّديد صفة لضربك. فإن توهّم كون الصّفة محلّها أن تقع بعد الموصوف وتليه ، فكأنّها مقدّمة في التّقدير فحصل الفصل تقديرا فإن هذا لا يلتفت إليه ؛ لأنّ تلك المعمولات من تتمّة الموصول فلم تل إلّا الموصول وعلى تقدير اعتقاد ذلك له ، فالمانع من ذلك أيضا صيرورة المبتدأ بلا خبر ، لأنّك إذا جعلت «يومئذ» ظرفا للوزن و «الحقّ» صفته فأين خبره؟ فهذا لو سلم من المانع الذي ذكره كان فيه هذا المانع الآخر.
وقد طوّل مكيّ بذكر تقدير تقديم «الحقّ» على «يومئذ» وتأخيره عنه باعتبار الإعرابات المتقدمة ، وهذا لا حاجة إليه لأنّا مقيّدون في القرآن بالإتيان بنظمه. وذكر أيضا
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٩.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٣٦.