وقيل : هو عربيّ اسم بلد ، قاله الفرّاء ، وأنشد : [الكامل]
٢٥١٨ ـ رهبان مدين والّذين عهدتهم |
|
يبكون من حذر العذاب قعودا |
لو يسمعون كما سمعت كلامها |
|
خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا (١) |
فمنعه للعلميّة والتّأنيث.
ولا بدّ حينئذ من حذف مضاف ، أي : وإلى أهل مدين ، ولذلك أعاد الضّمير في قوله : «أخاهم» على الأهل ، ويجوز أن يراد بالمكان ساكنوه ، فروعي ذلك بالنّسبة إلى عود الضمير عليه وعلى تقدير كونه عربيا قالوا : فهو شاذ ، إذ كان من حقّه الإعلال كمتاع ومقام ، ولكنهم شذّوا فيه كما شذوا في مريم ومكوذة (٢) ، وليس بشاذّ عند المبرّد ، لعدم جريانه على الفعل ، وهو حقّ وإن كان الجمهور على خلافه.
قوله : «شعيبا» يجوز أن يكون تصغير شعب أو شعب هكذا قالوا ، والأدب ألّا يقال ذلك ، بل هذا موضوع على هذه الزّنة ، وأمّا أسماء الأنبياء فلا يدخل فيها تصغير ألبتّة ، إلا ما نطق به القرآن على صيغة تشبهه كشعيب عليهالسلام ، وهو عربي لا أعجمي.
فصل
قال عطاء : «هو شعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم».
وقال ابن إسحاق : «هو شعيب بن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم ، وأم ميكائيل بنت لوط» (٣).
وقيل : هو شعيب بن ميرون بن مدين ، وكان شعيب أعمى ، ويقال له : «خطيب الأنبياء» لحسن مراجعته قومه (٤) وكان قومه أهل كفر وبخس للكيل والميزان ، وهم أصحاب الأيكة.
(فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) وهذا أصل معتبر في شرائع جميع الأنبياء.
(قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) واعلم أنّ المراد من البيّنة هنا المعجزة ، ولم تذكر في القرآن. كما لم يذكر في القرآن كثير من معجزات رسولنا.
قال الزمخشريّ (٥) : «ومن معجزات شعيب أنّه دفع إلى موسى عصاه وصارت ثعبانا ، وأيضا قال لموسى ـ عليه [الصلاة] والسلام ـ : هذه الأغنام تلد أولادا فيها سواد وبياض ، وقد وهبتها لك ، فكان الأمر كذلك».
__________________
(١) تقدم.
(٢) في أ : ومكروه.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٥٨.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٥٨.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٢٧.