ليس المعنى : ردّوه حال الصدقة عليه بظلف محرق ، بل معناه : ردّوه مصحوبا بالصدقة ولو مصحوبا بظلف محرق ، وقد تقدّمت هذه المسألة ، وأنه يصح أن تسمّى واو الحال وواو العطف [وتحرير ذلك ، ولو لا تكريره لما كرّرته](١).
وقال أبو البقاء (٢) : و «لو» هنا بمعنى «إن» لأنها للمستقبل ، ويجوز أن تكون على أصلها ، ويكون المعنى : لو كنا كارهين في هذا الحال أي إن كنا كارهين لذلك فتجبروننا عليه.
وقوله : «لأنها للمستقبل» ممنوع.
قوله : «إن عدنا» شرط جوابه محذوف عند الجمهور أي : فقد افترينا ، حذف لدلالة ما تقدم عليه ، وعند أبي زيد والمبرد (٣) والكوفيين هو قوله : «فقد افترينا» وهو مردود بأنه لو كان جوابا بنفسه لوجبت فيه الفاء.
وقال أبو البقاء (٤) : «قد افترينا بمعنى المستقبل ؛ لأنه لم يقع ، وإنما سدّ مسدّ جواب «إن عدنا» وساغ دخول «قد» هنا لأنهم نزّلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع فقرنوه ب «قد» ، وكأنّ المعنى : قد افترينا الآن إن هممنا بالعود».
وفي هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنها استئناف إخبار فيه معنى التعجب ، قاله الزمخشري (٥) ، كأنه قيل : ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر.
والثاني : أنها جواب قسم محذوف حذفت اللام منه ، والتقدير : والله لقد افترينا ، ذكره الزمخشري أيضا ، وجعله ابن عطية احتمالا (٦) وأنشد : [الكامل]
٢٥٢٢ ـ بقّيت مالي وانحرفت عن العلى |
|
ولقيت أضيافي بوجه عبوس (٧) |
قال : «كما تقول : افتريت على الله إن كلّمت فلانا» ولم ينشد ابن عطية البيت الذي بعد هذا ، وهو محلّ الفائدة ؛ لأنه مشتمل على الشرط وهو : [الكامل]
٢٥٢٣ ـ إن لم أشنّ على ابن هند غارة |
|
لم تخل يوما من نهاب نفوس (٨) |
قوله : «بعد إذ نجّانا» منصوب ب «نعود» أي : ما يكون ولا يستقيم لنا عود بعد أن حصل لنا التنجية منها.
فصل في معنى التنجية
وفي معنى «نجّانا الله منها» وجوه :
__________________
(١) سقط من أ.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٧٩.
(٣) ينظر : المقتضب ٢ / ٦٦.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ٢٨٠.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ١٣٠.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٢٨.
(٧) تقدم.
(٨) تقدم.