وعن ابن عباس قال : «ما كنت أدري قوله «ربنا افتح بيننا وبين قومنا» حتّى سمعت ابنة ذي يزن تقول لزوجها : أفاتحك أي : أحاكمك» (١) ، وقد تقدّم أن الفتح الحكم بلغة حمير.
وقيل : بلغة مراد وأنشد : [الوافر]
٢٥٢٤ ـ ألا أبلغ بني عصم رسولا |
|
بأنّي عن فتاحتكم غنيّ (٢) |
قال الزجاج : وجائز أن يكون قوله : «افتح بيننا وبين قومنا بالحق» أي أظهر أمرنا حتى ينفتح بيننا وبين قومنا وينكشف والمراد منه أن ينزل عليهم عذابا يدلّ على كونهم مبطلين ، وعلى كون شعيب وقومه محقين ، وعلى هذا المراد بالفتح الكشف والتبيين ، وكرر «بيننا وبين قومنا» بخلاف قوله : (حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا) [الأعراف : ٨٧] زيادة في تأكيد تمييزه ، ومن تبعه من قومه ثم قال : (وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) [أي : خير الحاكمين أو خير المظهرين ، وذا معنى قول من على المعنيين](٣) ، والمراد به الثناء على الله تعالى.
قوله تعالى : (وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ)(٩٠)
لمّا بيّن عظيم (٤) ضلالهم بتكذيب شعيب بيّن أنهم لم يقتصروا على التكذيب حتى أضلّوا غيرهم ولاموهم على متابعة شعيب بقولهم : (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ).
قوله : (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) «إذن» حرف جواب وجزاء ، وقد تقدّم الكلام عليها
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٩١) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن الأنباري في «الوقف والابتداء» والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٢) البيت ينظر : أمالي القالي ٢ / ٢٨١ ومجاز القرآن ١ / ٢٢٠ ، والبحر ٤ / ٣٤٤ والصحاح (رسل) ، واللسان (رسل) ، و «فتح» ، والتاج (فتح) ، إصلاح المنطق ١١٢. الدر المصون ٣ / ٣٠٤ ، والطبري ٩ / ٣ والقرطبي ١٣ / ٩٤ ، والسمط ٩٢٧ وفي عزو البيت اختلاف ، قال الميمني في السمط ما حرفه : «البيت رواه يعقوب في الإصلاح ١ / ١٨٨ غير معزوّ ، وروايته : «بني عمرو» ، وكذا في اللسان (فتح) منسوبا للأسعر الجعفي ، وفي زيادات الجمهرة ٢ / ٤ برواية «بني بكر بن عبد» منسوبا لأعشى قيس (ولم يرو له) ... ولكن ليس ثمة أحد من العشو في كندة ؛ ف «الأعشى» فيه مصحف «الأسعر» ، وهو من جعفي بطن من كندة ، وقال أبو محمد بن السيرافي (وعنه اللسان مادة قتا) : وجدت هذا البيت للشويعر الجعفي ؛ على خلاف ما رواه يعقوب ، ثم وجدت لمحمد بن حمران أبي حمران في الحماسة الصغرى لأبي تمام ص ٤٦ :
أبلغ بني حمران أن |
|
ني عن عداوتكم غنيّ |
بتقييد القافية في تسعة أبيات (السمط ٩٢٨) ، والجعفي هو مرثد بن حمران الجعفي ، يكنى أبا حمران (ولعل محمد بن حمران مصحف مرثد ..) وهو جاهلي ، راجع ترجمته في المؤتلف ٤٧ ، والسمط ٩٤».
(٣) سقط من أ.
(٤) في أ : عظم.