على الطّبع على قلوبهم ، أمكن التّعاطف ؛ لأنّ الاستمرار لم يقع بعد ، وإن كان الطّبع قد وقع».
قال شهاب الدّين (١) : «فهذا الوجه الأوّل ممتنع لما ذكره الزّمخشريّ».
ونقل ابن الخطيب (٢) عن الزّمخشري أنّه قال : «ولا يجوز أن يكون معطوفا على أصبناهم» ؛ لأنّهم كانوا كفّارا ، إذ كل كافر فهو مطبوع على قلبه ، فقوله بعد ذلك : «ونطبع على قلوبهم» يجري مجرى تحصيل الحاصل وهو محال».
قال ابن الخطيب (٣) : «وهذا ضعيف ؛ لأنّ كونه مطبوعا عليه في الكفر لم يكن هذا منافيا لصحّة العطف».
الوجه الثاني : أن يكون «نطبع» مستأنفا ، ومنقطعا عمّا قبله فهو في نيّة خبر مبتدأ محذوف أي : ونحن نطبع. وهذا اختيار الزّجّاج (٤) والزمخشري وجماعة.
الثالث : أن يكون معطوفا على «يرثون الأرض» قاله الزّمخشريّ.
قال أبو حيّان (٥) : «وهو خطأ ؛ لأنّ المعطوف على الصّلة صلة ، و «يرثون» صلة ل «الّذين» ؛ فيلزم الفصل بين أبعاض الصّلة بأجنبي ، فإن قوله : «أن لو نشاء» إمّا فاعل ل «يهد» أو مفعوله كما تقدم وعلى كلا التقديرين فلا تعلق له بشيء من الصّلة ، وهو أجنبيّ منها ، فلا يفصل به بين أبعاضها ، وهذا الوجه مؤدّ إلى ذلك فهو خطأ».
الرابع : أن يكون معطوفا على ما دلّ عليه معنى (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) كأنّه قيل : يغفلون عن الهداية ، ونطبع على قلوبهم قاله الزّمخشريّ أيضا.
قال أبو حيّان (٦) : «وهو ضعيف ؛ لأنّه إضمار لا يحتاج إليه ، إذ قد صحّ عطفه على الاستئناف من باب العطف على الجمل ، فهو معطوف على مجموع الجملة المصدّرة بأداة الاستفهام ، وقد قاله الزّمخشريّ وغيره (٧).
وقوله : (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) أتى ب «الفاء» هنا إيذانا بتعقيب عدم سماعهم على أثر الطّبع على قلوبهم.
فصل في بيان أنه تعالى قد يمنع العبد من الإيمان
استدل أهل السّنّة بقوله تعالى : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) على أنّه تعالى قد يمنع العبد من الإيمان ، والطّبع والختم والرّين والغشاوة والصدّ والمنع واحد على ما تقدّم.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣١١.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ١٥٣.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ينظر : معاني القرآن له ٣٩٩.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٥٣.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٥٣.
(٧) ينظر : الكشاف ٢ / ١٣٥.