بالابتداء ، وبالأفعال النّاسخة له ، وهذا مذهب الجمهور ، وقد تقدّم الخلاف عن الأخفش أنّه يجوز على غيرها ، وتقدّم دليله على ذلك ، واللّام فارقة وقيل : هي عوض من التّشديد.
قال مكيّ (١) : «ولزمت اللّام في خبرها عوضا من التشديد والمحذوف الأوّل» ، وقد تقدّم أنّ بعض الكوفيين يجعلون «إن» نافية ، واللّام بمعنى «إلّا» في قوله تعالى : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) [البقرة : ١٤٣].
ومعنى فاسقين خارجين عن الطّاعة ، مارقين عن الدّين ، وقيل : ناقضين العهد.
وقوله : «لأكثرهم» ، و «أكثرهم» ، و «من بعدهم» : إن جعلنا هذه الضّمائر كلّها للأمم السّالفة فلا اعتراض ، وإن جعلنا الضّمير في «لأكثرهم» و «أكثرهم» لعموم النّاس والضّمير في «من بعدهم» للأمم السّالفة كانت هذه الجملة ـ أعني ما وجدنا ـ اعتراضا كذلك قاله الزمخشريّ (٢) ، وفيه نظر ؛ لأنّه إذا كان الأوّل عاما ثم ذكر شيء يندرج فيه ما بعده وما قبله كيف يجعل ذلك العامّ معترضا بين الخاصين.
وأيضا ، فالنّحويّون إنما يعرفون الاعتراض فيما اعترض به بين متلازمين ، إلّا أنّ أهل البيان عندهم الاعتراض أعمّ من ذلك ، حتّى إذا أتي بشيء بين شيئين مذكورين في قصّة واحدة سمّوه اعتراضا (٣).
قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)(١٠٣)
اعلم أنّ الكناية في قوله : «من بعدهم» يجوز أن تعود إلى الأنبياء الذين جرى
__________________
(١) ينظر : المشكل ١ / ٣٢٤.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٣٦.
(٣) الاعتراض : وقوع جملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب أثناء كلام أو كلامين متصلين.
ومنه قول السيوطي :
ومن يلذ بحماه وهو ملجؤنا |
|
فلا اعتراض بما يخشاه من نقم |
ومعنى قوله : وهو ملجؤنا بين الشرط وجوابه.
وقد يعترض بأكثر من جملتين خلافا لأبي علي في زعمه أنه لا يعترض بأكثر من جملة. راجعه في مغني اللبيب ح ٢ ص ٣٩٤. والجمل التي لا محل لها من الإعراب سبع :
١ ـ الابتدائية.
٢ ـ المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تنويها وتسديدا وتحسينا.
٣ ـ التفسيرية.
٤ ـ المجاب بها القسم.
٥ ـ الواقعة جواب شرط غير جازم.
٦ ـ جملة الصلة.
٧ ـ التابعة لما لا محل له من الإعراب.
مغني اللبيب ص ٣٨٢ وما بعدها.